كتبت/ منال علي
سيجال الألم الذي يصيب اسرائيل وإيران هو تحديداً ما يجري الآن ونحن نقرأ ذلك الكلام. وهو ليس مجرد ضربات عسكرية أو حرباً محدودة إنما حرباً وجودية شاملة هدفها الاستراتيجي إسقاط النظام الايراني كحد أقصى، وكسره وإضعافه كحد أدني، بحيث لا تقوم له قائمة بعدها ثم يقبل بالهيمنة الأمريكية والصهيونية على المنطقة.
لكن إذا لم يحدث ذلك، إذن ما هي الأهداف القصيرة والمتوسطة المدى لتحقيق هذا الهدف من قبل إسرائيل؟؟ انها ببساطة، كمفردة لكن معقدة كفعل، وهي أولا تدمير البرنامج النووي. ثم تحطيم القدرات العسكرية لايران خاصة برنامجها الصاروخي والدفع باتجاه وقوع انقلاب ضد النظام عبر التحريض الشعبي ودعم بعض النخب العسكرية والسياسية لتنفيذ الانقلاب، وهو ما لم يثبت رؤيته حتى الآن.
لقد استغل الكيان عنصر المفاجأة وهاجم إيران عبر عملية عسكرية واستخباراتية معقدة للغاية أبرز ما فيها اختراق داخلي مذهل عبر شبكة من العملاء وفرق كوماندوز إسرائيلية دخلت إيران واقامت قواعد ومنصات عسكرية متحركة ومسيرات تم تهريبها كأجزاء في شحنات تجارية وجرى تجميعها داخل إيران والان تستخدم في المعركة من عمق ايران بل من داخل طهران نفسها.
وكان هناك رهان إسرائيلي-غربي، ولا يزال، على إنهاك النظام ومن ثم قيام خلايا عسكرية نائمة داخل الجيش الايراني والحرس الثوري وقيادات مدنية باستغلال المفأجاة والارتباك السياسي في هرم القيادة للقيام بانقلاب عسكري وسياسي عبر اعتقال او قتل المرشد الإيراني والدائرة المحيطة به وإسقاط النظام، ولكن تم احباط المخطط او المؤامرة ولو مؤقتا بنجاح.
واحباط هذا المخطط ساعد في استعادة النظام الايراني لتوازنه والانتقال من الدفاع إلى الهجوم التدريجي عبر تفعيل منظوماته العسكرية خاصة منظومة الصواريخ الباليستية باتجاه الكيان. بعد اهتزاز كبير أصابها بعد ضربة يوم الجمعة الماضية، وكان بسبب تعرض ايران للخدعة الكبرى ولعملية تضليل وتمويه سياسي ودبلوماسي أمريكي وعربي وغربي قبل بدء الحرب عبر المفاوضات مع واشنطن ومن خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي استخدم لاحقا كغطاء لتبرير الحرب شكليا.
وتتبقى حقيقة أن إيران لم تستخدم كافة قدراتها العسكرية بعد، خاصة منظومة الـمسيرات المتقدمة والصواريخ الباليستية الدقيقة ويبدو أنها تتحضر لمواجهة طويلة.
ولأول مرة في تاريخ الحروب مع الكيان يكون الطرف الاخر في المواجهة غير عربي وهو أمر بالغ الأهمية وستكون له تداعيات كبيرة وخطيرة على العالم العربي. فهذه أول مواجهة حقيقة تجري داخل الكيان بل في عمقه السياسي والاستراتيجي والاقتصادي والتكنولوجي والبشري، وليس فقط صراعا بين قطب إقليمي وكيان متفوق تكنولوجيا ومعلوماتيا على أراض عربية في الجوار. كل ما يملك الخبراء التوصل إليه حتى الآن هو أن القوس مفتوحاً لمزيد من الدمار الشامل.