كتبت د/ سها بسطاوى
تشير دراسة حديثة إلى أن العمل لساعات طويلة قد يؤدي إلى تغييرات في بنية الدماغ، خاصة في المناطق المرتبطة بالتنظيم العاطفي والوظائف التنفيذية مثل الذاكرة العاملة وحل المشكلات.
و أبرز ما توصلت إليه الدراسة:
أن التغييرات في مناطق الدماغ ، و التي أجريت على 110 من العاملين في مجال الرعاية الصحية في كوريا الجنوبية، أن الأفراد الذين يعملون 52 ساعة أو أكثر أسبوعيًا يظهرون تغيرات ملحوظة في مناطق الدماغ المرتبطة بالوظائف التنفيذية والتنظيم العاطفي، مقارنة بمن يعملون لساعات عمل قياسية.
و أن لديهم زيادة في حجم المادة الرمادية لوحظ زيادة بنسبة 19% في حجم التلفيف الجبهي الأوسط الأيسر (left caudal middle frontal gyrus) لدى المجموعة التي تعمل لساعات طويلة ، تلعب هذه المنطقة دورًا مهمًا في التركيز، الذاكرة العاملة، ومعالجة اللغة.
تتأثر مناطق أخرى أظهرت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي تغيرات في 17 منطقة أخرى من الدماغ، بما في ذلك التلفيف الجبهي العلوي (superior frontal gyrus) الذي يشارك في التخطيط واتخاذ القرارات، والفص الجزيري (insula) الذي يشارك في المعالجة العاطفية والوعي الذاتي.
تفسير محتمل للتغيرات يعتقد الباحثون أن هذه الزيادات في حجم الدماغ قد تعكس استجابات تكيفية عصبية للإجهاد المهني المزمن، حيث قد يحاول الدماغ في البداية التعويض عن المطالب المعرفية والعاطفية المتزايدة.
قابلية التراجع أشار الباحثون إلى أن هذه التغيرات قد تكون قابلة للعكس جزئيًا على الأقل إذا تم تقليل ضغوط العمل، لكن العودة إلى الحالة الطبيعية للدماغ قد تستغرق وقتًا أطول بكثير.
أهمية معالجة الإرهاق تؤكد الدراسة على أهمية معالجة الإرهاق في العمل كقضية صحية مهنية، وتسلط الضوء على الحاجة إلى سياسات في مكان العمل تخفف من ساعات العمل المفرطة للحفاظ على الصحة العقلية والعصبية للعاملين.
من الجدير بالذكر أن الإشارة إلى أن هذه الدراسة أولية وتدعو إلى مزيد من الأبحاث الطولية والتصوير العصبي متعدد الوسائط لتأكيد هذه النتائج وفهم الآليات الأساسية بشكل أعمق ومع ذلك، فإنها تقدم دليلًا جديدًا على أن العمل لساعات طويلة قد يؤثر على بنية الدماغ بشكل مباشر، وليس فقط على الصحة النفسية والسلوكيات.
دمتم بصحة وعافية