كتبت: هديل المزعنن
في زمن الحرب و الحرمان ، يطلّ طلبة توجيهي 2006 في غزة بنتائجهم بعد عامٍ دراسيّ استثنائي حمل ملامح الصمود و الإرادة أكثر مما حمل تفاصيل الكتب و الدروس.
فقد قدّم هؤلاء الطلبة امتحاناتهم في ظل حربٍ إسرائيلية قاسية على قطاع غزة ، عطّلت الحياة و دمرت مقاعد الدراسة ، و مع ذلك ، أصرّوا أن تكون نتائجهم عنوانًا جديدًا لإصرار شعبٍ يتعلّم رغم الدمار ، و يؤمن أن التعليم فعل حياة لا ينكسر.
خاض الطلبة امتحاناتهم بين أصوات القصف و أطلال المدارس المهدّمة.
كثير منهم اضطروا للمراجعة في خيام النزوح ، و بعضهم استخدموا أضواء الهواتف أو ضوء القمر لاستكمال الدراسة بعد انقطاع الكهرباء تماماً منذ عامين.
قالت إحدى الطالبات: "كنت أدرس على الجوال لأنه مش متوفر كتب ، و على ضوء القمر لأنه ما في وسيلة أخرى ، كنت أشعر أن كل مادة أنهيها هي خطوة نحو الحياة من جديد."
لم يكن النجاح في غزة آنياً ، بل تأخروا عامًا كاملًا عن أقرانهم في الخارج ، نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ذلك التأخير لم يكن مجرد فرق زمني ، بل رمز للزمن المعلّق في حياة الغزيين الذين يعيشون بين فقدانٍ متجدد و انتظارٍ لا ينتهي ، لكن طلبة 2006 لم يسمحوا لذلك بأن يصبح هزيمة ، بل حوّلوه إلى فرصة للمثابرة ، إذ استمرّوا في المراجعة من خلال مبادرات تعليمية محلية تطوعية و معلمين متطوّعين في المخيمات ، ليصنعوا من الحرمان بيئة تعلّم بديلة.
أكد أحد التربويين أن تحوّل التعليم في غزة إلى قضية هوية و وجود ، لا مجرد وسيلة للترقّي الأكاديمي ، فكل شهادة نجاح تمثّل تأكيدًا على أن الشعب الفلسطيني متمسك بحقه في المعرفة و الوعي ، رغم محاولات الطمس و الإلغاء.
نجاح طلبة توجيهي في غزة لا يمكن قراءته كحدثٍ دراسي عابر ، بل هو انتصار للوعي على الفوضى ، و للإرادة على الحرب.
فمن بين الركام ، خرجت نتائج تحمل توقيع الأمل ، و تقول للعالم بصوتٍ واضح أن في غزة ، النجاح ليس مجرد علامة في كشف الدرجات ، بل شهادة حياة في وجه الموت.