كتبت/إيمان عادل
أهدت الدورة الرابعة من مهرجان الأراجوز المصري برئاسة الدكتور نبيل بهجت إلى الطفلة الفلسطينية هند رجب وإلى جميع أطفال غزة؛ تكريما لشجاعتها واستشهادها المروع و هي تواجه بجسدها النحيل جيشا مسلحا بقلوب نابضة بالأمل.
هند، الطفلة التي أرعبت العالم بشجاعتها، وظلت تتواصل مع طواقم الهلال الأحمر حتى لحظات استشهاده بعد إصابتها ب 355رصاصة، في واحدة من أقوى اللحظات التي تصف قسوة الإبادة الجارية، فكان هذا الاهداء تعبيراً عن تضامن المهرجان مع براءة الطفولة، ومعاناة المدنيين، وليكون ذكرها حافز لتحريك ضمير العالم في وجه هذا الصمت.
وشهد المهرجان ندوة بعنوان "التراث مقامة" وشارك فيها نخبة من المتخصصين ، وقدم الدكتور محمد شبانة أستاذ الموسيقى الشعبية بأكاديمية الفنون، ورقه بحثية مميزة تناولت فيها دور الاغنية والموسيقى الشعبية في لحظات الصراع والمقاومة، وأوضح شبانة أن الموسيقى المصرية وخاصة الشعبية منها لم تكن بمعزل عن نضالات الشعب بل رافقته في محنه انتصاراته.
وخلال مداخلاته استعرض ادوار فرق غنائية، مثل: "أولاد الأرض"و"شباب النصر"واغاني خالدة حفرت حضورها فيه مثل “يابيوت السويس”، و”خلي السلاح صاحي”، و”بسم الله الله أكبر”، مؤكدًا أن الغناء كان بمثابة سلاح معنوي حقيقي في معركة الكرامة الوطنية.
كما شارك في الندوة الدكتور محمد شحاتة العمدة، الباحث المتخصص في الأدب الشعبي، فقام بالحضور والتعقيب، حيث تناول في مداخلته دور السير الشعبية في تعزيز روح المقاومة لدى الجماعة الشعبية.
وأوضح أن المجتمعات لجأت في أزمنة الظلم والاستعمار إلى خلق أبطال رمزيين تنتصر بهم على واقعها القاسي، مثل الأميرة ذات الهمة التي حاربت الروم ودخلت القسطنطينية، والظاهر بيبرس الذي هزم المغول في عين جالوت، وعلي الزيبق الذي واجه بطش المقدم الكلبي بالحيلة والذكاء. وأكد العمدة أن هذه السير، بما تحمله من قيم بطولية وأخلاقية بمثابة مخزون رمزي يحفّز الإرادة الجماعية على المقاومة.
وعقب الندوة، قدمت فرقة ومضة العرض المسرحي الفرجوي "الديك الهادر الغادر"، تأليف الكاتب الفلسطيني غنام غنام إخراج نبيل بهجت بطولة علي أبو زيد سليمان في دور الحكواتي والفنان مصطفى الصباغ في دور الديك والجدير بالذكر أنه هو من قام بتصميم وتنفيذ عروسة الديك والفنان محمود في دور أبو محمد وأم أحمد مناظر نور ترفاوي وهو عمل موجّه للأطفال يستند إلى حكاية شعبية ساخرة، تروي قصة ديك مخادع يستغل طيبة أهل قرية “بيت الطين” ويسيطر عليهم بالحيلة والكذب والتشويه، في إسقاط ذكي على صورة المستعمر، ورغم مظهره الضعيف وصوته الأجش وعجزه عن نطق حرف “الحاء”، يتمكن هذا الديك من تفتيت وحدة القرية وسرقة خيراتها ، حتى يتدخل الراوي والأطفال لفضح حقيقته وفضح مكره وكذبه.
وتضع المسرحية في الأطفال وعيًا مبكرًا بخطورة السكوت عن الظلم، وتحفزهم على قول الحقيقة والمقاومة والدفاع عن الحق والانحياز للعدل واتخاذ موقف جماعي دفاعًا عن أنفسهم ومجتمعهم.
واختُتمت الأمسية بعدد من عروض الأراجوز التقليدية، مما أضاف بهجة خاصة على الأجواء وجذب جمهورًا متنوعًا من الأطفال والكبار، وقد شهدت العروض تفاعلًا كبيرًا من الحضور، في دلالة على استمرارية هذا الفن العريق، وقدرته على التواصل مع الأجيال وتأكيد رسالتها بأن التراث الشعبي ليس فقط ماضيًا يُروى، بل هو طاقة مقاومة متجددة تسكن وجدان الشعب.