حرب تكسير العظام بين ترامب وماسك

 كتبت/ منال علي 

تلك الحرب السياسية المتوقعة ليست فقط لكونها بين أقوى رجل في العالم وأغنى رجل في العالم، بل لأنها حرب نادرة الحدوث كون مثل هذه المواجهات لا يمكن ان تراها إلا في الولايات المتحدة. كل توقعات المتابعين ذهبت إلى أن مواجهة ماسك لترامب خاسرة لأن القوة في دولنا تغلب المال، والمال يسعى للنفوذ دائما لحمايته. ماسك ليس مجرد رجل أعمال حتى وإن كان الأغنى في العالم. 

ماسك يدير إمبراطورية تكنولوجية متقدمة للغاية وهو رجل البنتاجون القوي الذي لا يمكن التخلى عنه أبدا. شركة ستار لينك هى التي يعتمد عليها الجيش الأمريكي في التواصل بين قواتها المنتشرة حول العالم، وفي التواصل مع طائراتها، وفي توجية الدرون حول العالم. 

وستار لينك كان لها دور رئيسي في ضربة أوكرانيا الأخيرة على المطارات الروسية المعروفة "ببيت العنكبوت". 
أما شركة سبيس اكس فهي الآن محور معظم أعمال وكالة ناسا، التي أصبحت ضعيفة بعد التخفيض المتكرر لميزانياتها، وبهذه الإمكانيات أصبحت معظم مكوكات الفضاء الأمريكية جزءا من التاريخ.

 الوكالة تعتمد على تكنولوجيا شركة سبيس اكس المملوكة لآيلون ماسك في عمليات إطلاق الأقمار الصناعية لانها الأرخص والأكفأ منذ أكثر من تسعة اشهر أطلقت ناسا كبسولة فضائية اسمها "ستار لاينر" من صناعة بوينج وعلي متنها رائدين فضاء.

حتى إندلاع المواجهات في كاليفورنيا في توقيتها تعكس قوة ماسك، فإن ايلون ماسك نفسه مهاجر، وولاية كاليفورنيا كانت مقر شركاته حتى أشهر قليلة فقط قبل ان ينقلها الى ولاية تكساس .. كاليفورنيا هي محور تجارب نظام القيادة الذاتية لسيارات تسلا .. وأكبر من هذا فان إيلون ماسك ينشئ طرقاً وانفاقا في الولاية خاصة بسيارات تسلا. 

وهو أمر غريب يعكس قوة الرجل في الولاية، لذا فإن نفوذ إيلون ماسك داخل ولاية كاليفورنيا ليس قليلاً أبدا. 

ببساطة ايلون ماسك هو الشخص العبقري المجنون في أفكاره الذي تبناه البنتاجون منذ عام 2006 وعلاقاته مع الجيش الأمريكي قوية بما يكفي لان يحميه البنتاجون، بالإضافة أن ماسك لم يكن جمهوريا بالأساس، ولم يجمعه مع ترامب سوى ملف واحد فقط هو التحول الجنسي الذي عانى منه ماسك مع احد ابنائه. 

يبقي سؤال أخير ألا يستطيع ترامب الغاء التعاقدات الحكومية لشركات ايلون ماسك وتدمير شركاته؟ الإجابة نظريا نعم يستطيع، عمليا لا, لأن شركات إيلون ماسك ليست مملوكة بالكامل له، عوضاً عن أهميتها للبنتاجون فهي شركات مدرجة في البورصة ويساهم في ملكيتها ملايين الأشخاص وتدميرها يعني انهيار تاريخي للبورصة الاميركية.

ببساطة مرة أخرى الولايات المتحدة ليست دولة ممن اعتدنا الحياة فيها في ظل الحيز المتاح .. انها دولة معقدة التركيب. ويبقى هنا أسئلة متكررة لكن ستجيب عنها الأيام المقبلة إن احدث ذلك الصراع بين الطرفين تغييرا جذرياً.
google-playkhamsatmostaqltradent