كيف تغيرت حقائق آمن الكثير حول العالم طويلاً بثباتها حتى وقت قريب وتقريباً بلا موعد حيث انشق نورا جديداً في نهاية نفق مظلم أظهر معه تغييرا ملحوظ في معايير التعددية القطبية ومفسحا مجالاً أوسع لانتهاء عصراً من الهيمنة الدولية، ظن الكثير حول العالم أن لا نهاية لها، حيث لم تعد للولايات المتحدة الأمريكية، الكلمة الفصل على دوائر صنع القرار عالمياً ودولياً، فأمريكا الآن فى أزمة اقتصادية طاحنة لأول مرة منذ ١٠٦ سنة، حيث تم، بالأمس القريب، تخفيض تصنيفها الائتماني من AAA إلى AA1، حسب وكاله موديز نتيجة ارتفاع الديون الأمريكية إلى ٣٦ تريليون دولار وتصاعد الديون خلال آخر عشر سنوات بنسبة ١٣٤ % مع ارتفاع مضطرد للعجز فى الميزان التجارى، وهو ما سيؤدى إلى ارتفاع الفائدة عل سندات الخزانة الامريكية فى ظل نقص فى الإيرادات العامة وارتفاع التكاليف وهو ما أدى إلى اتخاذ كثير من قرارات ترامب بالخروج من تمويل بعض المؤسسات الدولية وإلغاء المساعدات. كل تلك المؤشرات تؤكد حجم الأزمة الاقتصادية التى ستؤدي، على المدى المتوسط، للكثير من المشكلات على مستوى السياسات المالية والنقدية عالميا، وهبوط الدولار من عرشة، وارتفاعات متتالية للذهب، والأخطر من ذلك كله، هروب الاستثمارات من أمريكا نتيجة سياسات ترامب التي يراها كثير من الاقتصاديين أنها تتسم بالعشوائية وغير المدروسة خاصة فيما ما يخص التعريفات الجمركية المتبادلة (reciprocal tarrifs) التي أحدثت ضجة كبيرة وكادت تتسبب في خلل عنيف في علاقات أمريكا بأطراف عديدة ومنها من كان حليفاً فعلياً للولايات المتحدة. ويرجع كثير من المحللين السياسيين هذا التراجع والذي من أسبابه التخبط فى قرارات واعلان الرسوم التجارية التي تعد قرارات عدوانية من جانب الرئيس الأمريكي أدت لزيادة الازمة الاقتصادية وليس حلها، إلى المنافسة مع العملاق الآسيوي المؤهل لانتزاع ورقة المهيمنة القطبية من أمريكا، وهي التنين الصيني ذو القوة المتصاعدة الذي يؤرق، ليس فقط ترامب وانما الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ العقدين السابقين، بيد أن الإدارة الحالية تتجاوز سابقيها في تخوفاتها حيث ترى في منافسة الصين لها انتزاعا لهيبتها وكرامتها وهي من استطاع لعقود أن تحافظ على شكل عالم ذو قطب أوحد. إلا أنها الآن قد دخلت منحنى الهبوط من القمة منفردة وتتدحرج إلى الكثير من المشاكل العالمية والداخلية خلال العشر سنوات القادمة. ويشهد النظام العالمي افولا جديداً بخسوف شمس أمريكا التي تدخل مرحله الغروب بينما صواريخ مدارية نووية صينية تصدح في فضاء الكون الشاسع ليخيف مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية الذين يتنبأون استخدامها لضرب الولايات المتحدة الأمريكية من الفضاء إذا ما قررت أمريكا تحدي النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب، بالقوة العسكرية بما تطلق عليه القبة الذهبية على غرار القبة الحديدية في إسرائيل، والتي أثبتت فشلها في كثير من المرات أمام صواريخ الحوثي والصواريخ الإيرانية، خاصة عند الرد الإيراني الاخير على إسرائيل. فهل دخل العالم بالفعل في سباق تسلح مداري تقوده الصين أمام وحش جريح تتضاءل قوته يوماً بعد يوم ؟ هذا بالتأكيد ما شتكشفه الأيام القادمة وسيشهده العالم الذي يرقب الآن بفضول كبير.
هل نحن على أعتاب واقع عالمي جديد تطمس فيه ديمومة القطب الواحد
كتبت/ منال علي