كتبت/ شروق السيد
لقد اعتاد المصريون القدماء أن يعتبروا أي تقلقل أو اضطراب يحدث بسبب التدخل الخارجي لقوي معادية خفية ، فنجد العديد من الصيغ توجه جهرا وصراحة ضد هذه القوي التي لم يتم تحديد نوعها بشكل دقيق ، فربما يكون الأمر متعلقا بأحد الموتي أو عدو أو معبود.
وتزخر النصوص الطبية أو السحرية بتعويذات عديدة ضد الموتي الخطرين ، فهناك صيغة قد دونت فوق شريط رفيع من البردي ، تلف وتعلق مع عقد للعمل علي اتقاء الشر وتلبس حول عنق الشخص الذي يريد أن يحتمي ، ففي أحد النصوص ذكر 《 جسد " فلان" ابن "فلانة" يرتجف ، ان سمكة رع قد هوجمت》.
فنلاحظ أن الارتجاف علامة علي المس والاستحواذ ، ويأتي النقل بعد ذلك إلي مهاجمة أسماك رع ويقصد بها بالتحديد السمكتين اللتين يفترض أنهما ترافقان المركب الشمسي وتحميانه من هجمات "أبوفيس" ويبدو أن الهدف هو جعل المعبودات تنحاز إلي جانبه ، فمثلما انتصر "رع" علي "أبوفيس" بمعاونة هذه الأسماك الحارسة فمن المفترض ان ينتصر المريض علي المعتدي المتسبب في مرضه.
ويبدو أن هذه ليست الحالة الوحيدة التي يساعد السمك فيها علي ابعاد آحد الموتي الخطرين ، فمثلا في احد النصوص السحرية نجد أن الطقس العملي يبين لنا كيف يتم ابعاد الموتي الخطرين بتعليق تميمة علي شكل سمكة حول عنق الطفل ، وقد كان أيضا من الأمور المتبعة هي التهديد بتدمير مقبرة أحد الأموات الخطرين وكذلك الوعيد بالحرمان من المقبرة تماما فيذكر " سوف يقتل ابنه وابنته فوق الأرض وسوف تدمر مقبرته في الجبانة".
أما اذا ما تسألنا من هم الموتي الخطرون؟ فما زالت هناك صعوبة شديدة حتي الآن في تحديد نوعيتهم ، ولقد أطلق علي هؤلاء الموتي اسم "بيا" أو "يثناتوس" في العصر الاغريقي ، وفي المتعقدات المصرية كان الشخص الذي يقتل يصبح عفريتاً وتسكن روحه المكان الذي قتل فيه ، وقد يتعلق الأمر ايضا بأشخاص ملعونين ، ووفقاً لما تبينه "رسائل إلي الموتي" فان كل من قاموا وهم علي قيد الحياة بالاساءة للمريض آثناء علاجه يعتبرون خطرين ، فالضرورة تستلزم اذن التوقي من خطر هؤلاء الموتي.
وبعض النصوص الطبية تذكر أنواعا عديدة من المس بعضها تتعلق بالأموات الخطرين ، ففي بردية برلين الطبية يشار إلي دهان ما يعمل علي شفاء انسان يسيطر عليه شبح أحد الأموات ، ويبدو أن الأموات ليسوا وحدهم المعنيين فهناك ايضا العديد من الأرباب والذين ذكروا ضمن قوائم الخطرين مثل "ست" و "سخمت".