الفن والمعرفة والرياضة قوة العرب الناعمة


كتبت د ليلي الهمامي
 أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن 


عندما تطرح مسالة الوحدة العربية يعترض على الاطروحة، اطروحة الوحدة، اطروحة البحث عن المشترك اطروحة المختلف والمتنوع في ديناميكية أمة يجمعها التاريخ وتجمعها اللغة التي تستوعب الحضارات والثقافات والفنون، أمة يجمعها التاريخ ببعديه الماضي والمستقبل....، 
فيُرد على هذا الطرح ويُعترض عليه بالقول بان ما يباعد بيننا يمنع تحقق هكذا حلم. 

هذا الاعتراض في الواقع، أمر مفضوح، لكونه يروّج للافكار الكولونيالية التي تراهن على التفرقة،،، التفرقة بمعنى الفتنة وزرع الفتنة وتجديد الفتنة. 
عندما أتامل الراهن، -لكي لا أبحر في محيط الثقافة العربية بكل خصائصها-، أنظر الى الراهن فقط ألاحظ ان المجتمعات العربية منكبة حاليا في متابعة أحداث رياضية للكاس "العربية" وفي مواصلة متابعة حفلات أو مباريات النجوم العربية، أيضا ايام السينما العربية، ايام المسرح العربي، معرض الكتاب العربي .. الخ.
هذه المناسبات والاحداث التي توحد بين الاسر العربية... وكل المجتمعات العربية تتابع تلك المنافسات في الرياضة وفي الفن،،، في الغناء..، تتابع وتراهن على انتصار هذا او ذاك من ابناء القطر الواحد!

هذه المراهنات وهذا الشغف وهذه الذائقة المتوثبة لهذه المناسبات التي تجمع بالفعل الاسر العربية في كامل أنحاء العالم العربي وكل قطر فيه، دليل على ان هنالك معنى مشترك. هذا المعنى المشترك عميق وقوي، شيء يتجاوز المهاترات النخبوية لبعض الثقفوت الذين إن لم يكون في الحكم فهم يراهنون على الحكم ويراهنون على اقتطاع جزء من الكعكة العربية يريدون البقاء في حدود القطر، لحكمه أو التحكم فيه ومنع المشاريع الكبرى، المشاريع العربية الضخمة، المشاريع التي تحيي الامم، المشاريع التي يمكن ان توحدنا. 
نابوليون كان، بحملاته العسكرية، يوحد بين اطراف اوروبا... جاريبلدي وحد بين اطراف إيطاليا.
التوحيد بحد السيف لم يعد في امكاننا... آخر محاولة لبسط النفوذ ولتمديد الرقعة الترابية كانت مع صدام حسين، وضم الكويت، وانتهت الى كارثة لا نزال نتابع ونتحمل تبعاتها، كارثة بأتم معنى الكلمة.

أعود الى المشترك الايجابي، المشترك الذي يحيي النفوس والذي يغذي الروح العربية المشتركة. الحلم ضروري ان يتواصل بقطع النظر عن الخصوصيات بقطع النظر عن المعوقات بقطع النظر عن التغلغل الاستعماري الجديد باستراتيجياته، لكن ايضا باذياله من المَحلّيين. 
نعلم جيدا اننا على الطريق الصحيح، عندما نؤكد على مسالة التربية والتعليم!!! لاننا نعلم ان بالعلم، بالمعرفة، ان بالفن، بالرياضة، بالثقافة، يمكن ان ندرك العالمية... ومتى ادركنا العالمية كل شيء ممكن. متى ادركنا العالمية بالمعرفة بالعلوم وبالفن وبالرياضة يمكننا بالفعل ان نتشكل كقوة في قلب العالم, ان نتشكل كمركز نفوذ عالمي!!! 

هذه الفكرة ليست مجرد حلم. هي ما هو ممكن. لن نراهن على العسكر، لن نراهن على التسلح، نراهن فقط على ما يعبر عنه بال soft power.

 القوة الناعمة... والقوة الناعمة يمكن ان نكسبها، نكسبها بالعلم بالمعرفة، نكسبها بالفن، نكسبها بالرياضة... بكل ما من شأنه ان يترك الاثر العميق في النفس: نفس كل من يتعاطى مع كتاب عربي...، كل من يتعاطى ويستمع ويشاهد ويتفاعل مع الفن كل من يستمع الى الموسيقى - الموسيقى العربية، من يشاهد الرسم من يشاهد المعمار. 

 يمكننا ان نبدع،،، وان نبدع فذلك يعني ان نجدد قوة الامة، أن نجدد قدرة الامة العربية على الانتشار والتاثير... هذا حلم ممكن. كل من يشكك في هذا الحلم يجرم وهو مجرم بالفعل. هو مجرم لانه يتنكر لما هو ممكن وواقعي ومصيري ويتحدد حوله استمرار وجودنا كعرب، هو مجرم لانه يتنكر لما هو واقع ممكن بعيدا عن الاحلام بعيدا عن الايديولوجيات وبعيدا عن الحسابات الضيقة للاشخاص والفئات والطبقات.

google-playkhamsatmostaqltradent