كتبت د/ سها بسطاوى
مؤخرًا، أجريت أبحاث جديدة تشير إلى أن تأثير السكر في الدماغ قد يلعب دورًا مفاجئًا ومعقدًا في مكافحة مرض الزهايمر، وذلك ليس بالضرورة من خلال استهلاك السكر بكميات كبيرة، بل من خلال فهم آليات أيض السكر داخل خلايا الدماغ.
لفترة طويلة، ركزت الأبحاث على العلاقة بين ارتفاع مستويات السكر في الدم ومقاومة الأنسولين (التي غالبًا ما ترتبط بمرض السكري من النوع الثاني) وبين زيادة خطر الإصابة بالزهايمر. فارتفاع السكر المزمن يمكن أن يؤدي إلى:
الالتهاب العصبي الذي يساهم في تلف خلايا الدماغ.
وهي عملية ترتبط فيها السكريات الزائدة بالبروتينات، مما يسهل تكوين لويحات بيتا-أميلويد وتشابكات تاو السامة، وهي سمات مميزة للزهايمر.
مقاومة الأنسولين في الدماغ مما يعيق قدرة الدماغ على استخدام الجلوكوز بفعالية للحصول على الطاقة، وخاصة في مناطق الدماغ المهمة للذاكرة مثل الحُصين.
ومع ذلك، كشفت دراسات حديثة، خاصة في معهد باك لأبحاث الشيخوخة، عن جانب جديد وغير متوقع لدور السكر في الدماغ. هذه الأبحاث تركز على كيفية استقلاب خلايا الدماغ للجليكوجين (الشكل المخزن للجلوكوز).
وقد وجد العلماء أن:
تراكم الجليكوجين المفرط في الخلايا العصبية:
في نماذج الزهايمر (سواء في الذباب أو في الخلايا البشرية)، يتراكم الجليكوجين بشكل مفرط. ويبدو أن بروتين تاو، المعروف بتشكيل التشابكات السامة في الزهايمر، يرتبط بالجليكوجين، مما يحبسه ويمنع تحلله.
فقدان آلية الدفاع المضادة للأكسدة:
عندما لا يمكن تحلل الجليكوجين، تفقد الخلايا العصبية آلية أساسية لإدارة الإجهاد التأكسدي، وهو سمة رئيسية للشيخوخة والتنكس العصبي.
دور إنزيم الجليكوجين فوسفوريلاز (GlyP):
أظهرت الدراسة أن استعادة نشاط هذا الإنزيم - الذي يبدأ عملية تحلل الجليكوجين - يمكن أن يقلل من التلف المرتبط بتاو.
إعادة توجيه السكر لمكافحة الإجهاد التأكسدي: بدلاً من استخدام الجليكوجين كوقود لإنتاج الطاقة، قامت الخلايا العصبية المدعومة بالإنزيم بإعادة توجيه جزيئات السكر إلى مسار فسفات البنتوز (PPP)، وهو مسار حيوي لتوليد جزيئات تحمي من الإجهاد التأكسدي (مثل NADPH والجلوتاثيون).
الخلاصة:
بشكل عام، فإن الاستهلاك المفرط للسكر الغذائي يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالزهايمر بسبب آثاره السلبية على الدماغ (مثل الالتهاب ومقاومة الأنسولين). ومع ذلك، فإن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن فهم وتحسين كيفية استقلاب خلايا الدماغ للسكر المخزن (الجليكوجين) يمكن أن يوفر استراتيجيات علاجية جديدة لمكافحة الزهايمر، عن طريق تعزيز دفاعات الدماغ المضادة للأكسدة وتقليل تراكم البروتينات السامة، هذا يعني أن التحدي ليس فقط في تجنب السكر الزائد في النظام الغذائي، بل أيضًا في الكشف عن "رمز السكر الخفي" للدماغ وإعادة توازنه لمكافحة التدهور المرتبط بالشيخوخة وأمراض التنكس العصبي.
دمتم بصحة وعافية