كتبت/ منال علي
هندس فريق الإصلاحيين، الذين يديرون "مجمع سعدآباد الرئاسي" الواقع في شمال العاصمة طهران، حوارًا عن بُعد لمسعود بزشكيان مع المذيع الأمريكي تاكر كارلسون، أحد المقربين من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. أراد الإصلاحيون، الذين خُدعوا عدة مرات من البيت الأبيض، أن يرموا بورقة جديدة نحو ترامب الذي يراوغ الإيرانيين سعيًا وراء "إرضاء الكيان" وطموح نتنياهو في "تدمير نفوذ إيران" في منطقة الشرق الأوسط.
ورغم أن ترامب خدع الإيرانيين — باعتراف بزشكيان نفسه في حواره مع كارلسون — إلا أن بزشكيان قال:
"كنا على طاولة المفاوضات. كنا نتفاوض، وبينما كنا لا نزال نتفاوض، أسقطوا قنبلة على طاولة المفاوضات ودمروا الدبلوماسية".
ولم يكتفِ بزشكيان بهذه التصريحات "الغريبة"، بل تمادى، وقال في حواره مع المذيع الأمريكي: "ومع ذلك، فنحن بالتأكيد مستعدون للعودة إلى الحوار".
وقال بزشكيان لتاكر كارلسون:
"أرى أنه يمكننا بسهولة حل خلافاتنا ونزاعاتنا مع الولايات المتحدة عبر الحوار والمحادثات".
كما حثّ الرئيس الإيراني نظيره الأمريكي دونالد ترامب على عدم الانجرار إلى حرب مع إيران يجرّه إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ربما تعود مغازلة بزشكيان للبيت الأبيض مجددًا إلى مأزق الإصلاحيين. ومن المعروف أن الاقتصاد الإيراني مازال يعاني من أزمة حادة. لكن تعرض بزشكيان وفريقه لخديعة البيت الأبيض، سواء في عهد بايدن أو ترامب، لا يسمح له بالظهور المستمر بمظهر "الرجل الضعيف الذي يتلاعب به البيت الأبيض"، لأن ذلك سوف يخصم من رصيد التيار الإصلاحي في الداخل الإيراني.
ويعوّل بزشكيان، ومن ورائه ظريف وفريقه التفاوضي، على أن النجاح في هذه المفاوضات "السراب" سيُضعف موقف الأصوليين "الشامتين"، ويُعيد الأمل في أن بزشكيان قد يمدد حضوره في السلطة لدورة رئاسية جديدة.
وخلاصة القول هي أنه لا مستقبل للمفاوضات الإيرانية–الأمريكية، وأن على إيران أن تستعد لحرب مقبلة مع إسرائيل، إذ أن التعويل على ورقة التفاوض كوسيلة إنقاذ هو مهلكة حقيقية لإيران.
ولأن كلفة الحرب القادمة ستكون أكبر مما يتخيله الإيرانيون. لذا فعلى النظام الإيراني أن يسعى إلى لملمة شتات الداخل، وتحسين أوضاع حقوق الإنسان، وفتح آفاق العمل السياسي والاستماع إلى كافة الأصوات.
فالخسارة القادمة، إن وقعت، لن تكون عسكرية أو بشرية فقط، بل ستكون في عمق النظام نفسه. وهذا ما تخطط له أمريكا وإسرائيل معا من الآن رغم وعود ترامب لإيران بفرصة التطبيع معها لاول مرة في تاريخ العلاقات بين البلدين.