كتبت/ آلاء عبدالله
أكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، أن ممارسات الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة تمثل أحد أبرز أسباب التدهور البيئي على كوكب الأرض، مشيرًا إلى أن حجم النفايات الصلبة البلدية على مستوى العالم يتراوح حاليًا بين 2.1 و2.3 مليار طن سنويًا، ومن المتوقع أن يرتفع إلى نحو 3.8 مليارات طن بحلول عام 2050 إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة.
جاء ذلك في تحليل حديث أصدره المركز حول واقع النفايات عالميًا، وركّز فيه على قطاع الملابس والمنسوجات في ضوء الاحتفال باليوم العالمي للقضاء على الهدر، الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة ليكون في 30 مارس من كل عام.
وأوضح التحليل أن أنظمة إدارة النفايات حول العالم غير مجهّزة بما يكفي، حيث يفتقر أكثر من 2.7 مليار شخص إلى خدمات جمع النفايات، ولا تُدار سوى نحو 61% منها بطريقة منظمة، وهو ما يبرز الحاجة الملحّة إلى تحسين آليات الإدارة وتعزيز الاستدامة.
قطاع الملابس والمنسوجات: تحديات بيئية واقتصادية
وسلط التقرير الضوء على أن قطاع الملابس والمنسوجات يُعد من أكثر القطاعات تلويثًا للبيئة، حيث يُنتج نحو 92 مليون طن من نفايات المنسوجات سنويًا، أي ما يعادل شاحنة ملابس تُحرق أو تُطمر كل ثانية. كما يسهم القطاع بنسبة 11% من النفايات البلاستيكية عالميًا، ويهيمن على السوق استخدام الألياف الصناعية المستخرجة من الوقود الأحفوري، مثل البوليستر والنايلون، والتي شكّلت نحو 67% من الإنتاج في عام 2023.
وتعد نسبة الألياف المعاد تدويرها ضئيلة للغاية، إذ لم تتجاوز 8% في عام 2023، ما يؤدي إلى خسائر سنوية تفوق 100 مليار دولار بسبب غياب نظم تدوير فعالة.
القطاع يواجه ثلاث أزمات بيئية كبرى
أشار التحليل إلى أن قطاع المنسوجات لا يزال بعيدًا عن تحقيق أهداف الاستدامة، موضحًا أن:
فيما يخص المناخ: يسهم القطاع بما بين 2% و8% من انبعاثات الغازات الدفيئة، ويستهلك 215 تريليون لتر من المياه سنويًا، كما يسهم بنسبة 9% من تلوث المحيطات بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة.
فيما يتعلق بالتنوع البيولوجي: يؤدي توسع زراعة الألياف إلى ضغط متزايد على النظم البيئية، مع توقع زيادة الأراضي المزروعة بنسبة 35% بحلول 2030.
في مجال التلوث والنفايات: تتسبب الألياف الطبيعية والصناعية في إطلاق ألياف دقيقة طوال دورة حياة المنتج، بما يسهم في تفاقم التلوث.
عوائد اقتصادية كبيرة من التحول إلى الاستدامة
بيّن التحليل أن تبنّي نماذج أعمال دائرية وإعادة استخدام المنسوجات يمكن أن يحقق مكاسب اقتصادية كبيرة، منها:
تحقيق مكاسب سنوية بنحو 108.5 مليارات دولار عالميًا بحلول 2050.
إمكانية توليد نحو 700 مليار دولار من خلال نماذج أعمال دائرية بحلول 2030.
خفض انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 44% من خلال مضاعفة عدد مرات ارتداء الملابس.
كما أشار التقرير إلى أهمية السياسات البيئية مثل مسؤولية المنتج الممتدة (EPR)، التي تشجع المصنعين على تحسين تصميم المنتجات لتكون أكثر استدامة، وقد بدأت دول مثل فرنسا والمجر ولاتفيا وهولندا بالفعل في تطبيق هذه السياسة في قطاع المنسوجات.
دور الحكومات والمجتمعات
اختتم التحليل بتوصيات واضحة للحكومات والمستهلكين والقطاع الصناعي لتحقيق هدف "النفايات الصفرية"، ومنها:
دعم التحول إلى نماذج أعمال دائرية.
تنظيم استخدام المواد الكيميائية في الصناعة.
تحسين البنية التحتية لإدارة النفايات.
نشر التوعية لتغيير سلوك المستهلكين.
دعم البحث والتطوير في تقنيات إعادة التدوير.
كما دعا المركز إلى الانخراط في حوار السياسات العالمي بشأن المنسوجات، الذي يُيسّره برنامج الأمم المتحدة للبيئة.