كتبت/ منال علي
ماذا لو خرجت المقاومة في غزة من كلّ الصفقات والتسويات ورفعت الرايات البيضاء والشفافة تمامًا، وأعلنت استسلامًا غير مشروط لإسرائيل، ثمّ سلّمت أسلحتها ومقاتليها، والرهائن، والأنفاق، دون أدنى ثمن، بل وبات لدى الاحتلال نحو 50 ألف أسير فلسطيني، وليس أكثر من 10 آلاف يحتضرون الآن في معسكرات الاعتقال، مع مليوني مُجوّع، يدهمهم الموت على هيئة حفنة طحين؟!.
نتنياهو لديه إجابة جاهزة: إسرائيل تحتلّ غزة وتديرها، ثمّ تتولى "إدارة الإعمار"، "إدارة الجوع"، "إدارة الموت"، "إدارة المصير" في قيامة "الأسد الصاعد الذي يلتهمُ كلّ فريسة".
إجابة أخرى جاهزة، لدى دونالد ترامب: على إسرائيل التعاون مع الدول العربية لإزالة الدمار والأضرار العقارية، وتحويل غزة إلى منتجع شرقي على البحر الأبيض المتوسط، ومن الواضح أنّ "السكان الأصليين" الناجين من أعمال "حماس"، كما يدعي ترامب ومن قبله نتنياهو، لا يصلحون للإقامة في منتجع مُنافس لـ"الريفييرا". الحل أنْ يُغادروا، وتكريمًا لهم، تُطلق أسماء قبائلهم وعائلاتهم على منتجعات البحر. تمامًا مثلما فعلت أمريكا مع قبائل الهنود الحمر"شيروكي" و "موهاك"!
من زاوية ثالثة، ربما تروق لمن لا يرى الفلسطيني إلا "هنديًا أحمر". هذه المرة، لدى القسيس مايك هاكابي، وهو السفير الأميركي لدى إسرائيل، ويصحّ القول إنه السفير الإسرائيلي لدى أميركا، أما الدولة الفلسطينية "فيجب أنْ تقوم على أيّ أرض إسلامية" على ألاّ تُهدد "إسرائيل الكبرى"!
إجابة رابعة من تجليات، يتكرّم بها مستشار الأمن الداخلي في البيت الأبيض ستيفن ميلر، وهو أيضًا نائبُ كبيرِ موظفي ترامب، يقول حرفيًّا: "غزة ويهودا والسامرة أراض إسرائيلية منحها الله لليهود، ولكن الأهم استمرار الحرب ضد الإسلام الفاشي".
أمّا مؤلف كتاب "الحملة الصليبية الأميركية" بِيت هيغسيت، وزير الدفاع، فلا يرفّ له جفن بأنّ "الله اختار الرئيس ترامب" لاستئناف الحروب الصليبية على الإسلاميين المتطرفين" الذين يعطّلون الوعد الإلهي لقيام مملكة إسرائيل الكبرى.
فإن نجحت اسرائيل في قتل محمد الزواري، التونسي المخلص الذي كان يصنعُ طائراتٍ ورقية للسلام من أوراق الزيتون والدفلى في اندونيسيا، يُسميها "إسرائيل " لا "أبابيل"، لكنها ستبقى ترسل ألسنة اللهب والنيران تلتهم من يبغضها حتى تنتهي الاسطورة العقيمة بأن ذلك الكيان المبتور هو من يتحكم في مصير مجهول لأهل غزة الأبرياء.