الرئيس الروسي بين حتمية الرد وسيناريوهات رد الفعل على ضربة زيلنسكي العنيفة

 كتبت/ منال علي 

يؤمن الغرب وفي مقدمتهم حليفهم الأوكراني بأن التشدد في مواجهة بوتين وتعنيف الضغوط العسكرية عليه ، هو الخط الاكثر واقعية لارغامه علي وقف الحرب ودفعه الي التفاوض وتقديم التنازلات ، وتغيير موقفه المتصلب الحالي. وتأتي ضربة زيلنسكي الأخيرة استجابة لهذا التوجه الاوروبي وتعبيرا عن الاقتناع بان هذا هو الطريق نحو التفاوض مع بوتين من مركز القوة، وليس من موقع الضعف و الاضطرار الذي يدفعه الرئيس الأمريكي ترامب اليه دفعا.

هذا ويأتي هنا واحداً من هذه السيناريوهات التي تترتب على ما حدث وما ينبني عليها من عواقب وتداعيات محتملة ، الي ان استخدام الرئيس بوتين للخيار النووي ، سواء تم ذلك بالاسلحة النووية التكتيكية ، او بالسلحة النووية الاستراتيجية بقدراتها التدميرية الشاملة ، لن يكون خيارا رشيدا او عقلانيا بالمرة ، لتداعياته التدميرية الكارثية التي لن يكون بمقدور روسيا احتمالها او تجاوزها مستقبلا .

 فإذا انتهى بوتن لهذا الحل تعبيراً عن الرد، حتى لو كانت حربا نووية محدودة ، فإنها سرعان ما سوف تتحول الي حرب نووية عالمية ثالثة، سوف تواجه فيها روسيا القوة النووية لدول الناتو كلها مجتمعة وهي التي تطوقها وتحاصرها من كل الاتجاهات، بعد ان انضمت السويد وفنلندا الي الناتو، لتكتمل حلقات الحصار والاحتواء في اكثر صورها خطرا علي الامن القومي الروسي. 

أما السيناريو الأخر، والاقل تكلفة قياسا علي تبعاته َومخاطره، هو تحول الرئيس الروسي بوتين عن تصلبه باظهار قدر واضح من المرونة واللين في موقفه، بإعلانه عن استعداده لوقف الحرب الدائرة في أوكرانيا، بشروط يتم التفاوض عليها لتهدئة مخاوف روسيا الأمنية التي لم تنجح هذه الحرب في التخفيف منها بل ربما تكون قد ضاعفتها واكدتها. 

هذه الشروط معلنة ومعروفة للاوكرانيين والأمريكيين والأوروبيين ، ويأتي على رأسها وقف دائم لاطلاق النار في أوكرانيا بالتفاوض لإحلال السلام فيها كمقدَمة نحو تطبيع العلاقات اذا ما حصلت روسيا علي الضمانات الأمنية المكتوبة التي ما تزال تلح في طلبها من دول الناتو ولكن دون جدوي، وهنا سوف يتغير المناخ السائد حاليا وتخف عدائيته وتوتراته وقد يجد من الأوروبيين بشكل خاص التجاوب الكافي معه ، لانهم أكثر من تأثر بهذه الحرب الطويلة و المكلفة عليهم.

وتنعكس بتداعياتها السلبية عليهم، وهم بالتالي أكثر من يمكنهم الضغط علي أوكرانيا لحملها علي تغيير موقفها، حتي من الأمريكيين أنفسهم مهما بدا الأمر غير ذلك.

في النهاية قد تختلف تفاصيل إخراج هذا السيناريو أو ذاك عن ما يتصوره البعض، وقد يختلف ترتيب هذه الاطراف لخطوات ومراحل هذا الحل الذي سيأخذ وقتاً أطول نسبياً، لكن في النهاية لن تكون هناك أية حرب نووية استراتيجية أو تكتيكية. فروسيا التي استمرت عامين تقاوم دون اللجوء إلى جراحة نووية، لن تركن إليها الآن حتى لا يلقى عليها اللوم بأنها جرت العالم إلى حرباً خاسرة لن تبقي ولن تذر
google-playkhamsatmostaqltradent