يبدو أن لجوء بوتن للتفاوض المباشر غير المعلن مع أوكرانيا هو الرد الأمثل ولكنه ليس الرد المتوقع، حيث لا يرى بوتن أوكرانيا ولا زلينسكي مناظرًا له ومن المستحيل التراجع عن هذا التعالي على الأمر الواقع، إذاً، ما هي كيفية الرد على ما عرفت بشبكة العنكبوت المميته، يجب آولا أن نضع في الاعتبار أنه قد تزامن مع تنفيذ عملية شبكة العنكبوت الأوكرانية انحراف قطاران أيضًا عن مسارهما في غرب روسيا، في منطقتين متفرقتين على الحدود مع أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل في أعمال تخريب متزامنة، وتلا ذلك تدمير جسر القرم لثالث مرة ولكن بعملية استراتيجية أخرى من تحت الماء بغواصات أوكرانية مسيرة.
في هذا الإطار، ستنتهي الجولة الأخيرة من المحادثات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول دون إحراز تقدم يُذكر.، غير أن اتفق الجانبان على تبادل نحو 6000 أسير حرب جريح.
ومن الملاحظ أن روسيا اعتادت ألا تعترف بوجود خسائر هذا يؤكد مُجددًا عدم اهتمام موسكو بحجم خسائرها في القوة البشرية.
جديرٌ بالذكر أنه خلال المباحثات سلمت أوكرانيا القائمة بأسماء الأطفال الأوكرانيين الذين (تم نقلهم الى روسيا قسراً) وأكدت روسيا أنها ستعمل على ذلك. وهذا للمرة الأولى تعترف روسيا هذه القضية وبوتين مطلوب لدى المحكمة الدولية في قضية ترحيل الاطفال الأوكرانيين لروسيا.
في هذا السياق نرى تصاعد للتوترات والصراع. وكما تُشير الجولة الأخيرة من الهجمات إلى مرحلة جديدة أكثر خطورة من سياسة حافة الهاوية المتبادلة، إلا أنه من غير المرجح أن ضربات المسيرات المكثفة التي شنتها أوكرانيا ستقنع بوتين بضرورة التخلي عن أهدافه العسكرية والجيوسياسية والسعي إلى سلام عاجل.
بل على العكس، ردًا على ما يُطلق عليه بعض المعلقين "بيرل هاربر روسيا"، سيكون بوتين بالتأكيد أكثر تصميمًا على معاقبة أوكرانيا على تمردها. حيث يُنظر إلى يوم العار الذي حل بروسيا على أنه لابد أن يُقابل بعزيمة وقوة، لا بالهزيمة.
وهنا يتجلى السؤال الحتمي منذ يوم المعركة الكبرى التي شنتها أوكرانيا من داخل الأراضي الروسية وهو كيف سيرد بوتن؟ على الأرجح أن روسيا ستنفذ طابور العمل الثابت المعتاد مقابل ضربات استراتيجية أوكرانية سابقة، كالآتي:
أولا، الاعتراف الضمني تدريجيًا ببعض الخسائر التي يمكن إقرارها. ومحاولة إسقاط الأخطاء والمسؤولية على الغير المبررات. ثم تنفيذ ضربات غير استراتيجية عاجلة التخطيط لكي تحدث تأثير دعائي كبير قدر المستطاع بغض النظر عن مدى فاعلية التأثير المادي.
ثانياً: التكتيك المناسب لتغيير خطط الهجوم الاستعراضية عن طريق ضربات بالقرب من كييف كمحاولة لدفع الرأي العام نحو بروباجندا دفاعية شعبية للقوات الروسية.