كتبت د/ سها بسطاوى
خطر انفجارات المنشآت النووية على صحة الإنسان جسيم ومتعدد الأوجه، ويمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة وطويلة الأمد، لتوضيح ذلك،
يمكننا تقسيم الآثار الصحية إلى عدة فئات رئيسية:
التعرض للإشعاع الفوري (Acute Radiation Syndrome - ARS):
أضرار فورية في حال وقوع انفجار نووي أو حادث كبير يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من الإشعاع، يتعرض الأشخاص القريبون لجرعات عالية جدًا من الإشعاع ، هذا يؤدي إلى متلازمة الإشعاع الحادة، والتي تظهر أعراضها خلال ساعات أو أيام قليلة وتشمل:
الغثيان والقيء والإسهال من الأعراض المبكرة والشائعة.
فقدان الشعر و يحدث عادة بعد عدة أسابيع.
نزيف بسبب تلف نخاع العظم الذي ينتج خلايا الدم.
تلف الجهاز المناعي مما يجعل الجسم عرضة للعدوى.
تلف الجهاز الهضمي الذي يؤدي إلى صعوبة امتصاص الغذاء والماء.
تلف الجهاز العصبي المركزي في حالات الجرعات العالية جدًا، يمكن أن يؤدي إلى الارتباك، التشنجات، والغيبوبة، والموت السريع.
الوفاة و هو الخطر الأكبر في الجرعات العالية جدًا من الإشعاع يمكن أن تكون قاتلة في غضون أيام أو أسابيع.
الآثار الصحية طويلة الأمد (Late Effects):
مرض السرطان:
و يعد السرطان من أخطر الآثار الصحية طويلة الأمد للتعرض للإشعاع، يمكن للإشعاع أن يتلف الحمض النووي (DNA) في الخلايا، مما يؤدي إلى طفرات تزيد من خطر الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان، مثل:
سرطان الغدة الدرقية (خاصة لدى الأطفال بسبب امتصاص اليود المشع).
ابيضاض الدم (اللوكيميا).
سرطان الثدي.
سرطان الرئة.
سرطانات الجهاز الهضمي.
سرطانات العظام.
الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية:
على الرغم من أن الأدلة ليست حاسمة بنفس القدر كما هو الحال مع السرطان، إلا أن التعرض للإشعاع قد يزيد من خطر حدوث طفرات جينية تنتقل إلى الأجيال القادمة، مما قد يؤدي إلى تشوهات خلقية أو أمراض وراثية لدى الأطفال المولودين لآباء تعرضوا للإشعاع.
أمراض أخرى غير سرطانية:
أمراض القلب والأوعية الدموية و تزداد مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.
إعتام عدسة العين (الماء الأبيض) و تلف في العين يؤدي إلى ضعف البصر.
تثبيط الجهاز المناعي مما يجعل الأفراد أكثر عرضة للأمراض المزمنة والعدوى.
مشاكل الغدة الدرقية بالإضافة إلى السرطان، يمكن أن يؤدي الإشعاع إلى قصور الغدة الدرقية.
تأثيرات نفسية واجتماعية الخوف، القلق، الاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) منتشرة بين الناجين من الحوادث النووية بسبب الكارثة، فقدان الأحباء، والشكوك حول صحتهم المستقبلية.
التلوث الإشعاعي (Radioactive Contamination):
الاستنشاق والابتلاع تنتشر المواد المشعة في الهواء وعلى الأرض والمياه بعد الانفجار. يمكن للناس استنشاق الجسيمات المشعة أو ابتلاعها عن طريق الطعام والماء الملوثين ، بمجرد دخولها الجسم، تستقر هذه المواد في الأعضاء المختلفة وتستمر في إطلاق الإشعاع، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان والأمراض الأخرى على المدى الطويل.
التلوث الخارجي قد تستقر الجسيمات المشعة على الجلد والملابس، مما يعرض الشخص للإشعاع الخارجي. على الرغم من أن هذا النوع من التلوث يمكن إزالته، إلا أن التعرض المطول قد يسبب حروقًا إشعاعية أو يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
التأثير على البيئة وسلسلة الغذاءو تلوث التربة والمياه والنباتات والحيوانات، مما يؤدي إلى تلوث طويل الأمد للنظام البيئي، هذا يعني أن المواد المشعة يمكن أن تدخل السلسلة الغذائية وتصل إلى البشر عبر استهلاك الأطعمة الملوثة، حتى بعد سنوات من الحادث الأولي.
أمثلة تاريخية:
قنبلتي هيروشيما وناجازاكي (1945):
أدت إلى وفيات فورية هائلة بسبب الانفجار والحرارة والإشعاع، تلتها زيادة حادة في حالات السرطان (خاصة اللوكيميا وسرطان الغدة الدرقية) والتشوهات الخلقية بين الناجين.
كارثة تشيرنوبل (1986):
أدت إلى إطلاق كميات هائلة من المواد المشعة، مما تسبب في ارتفاع كبير في حالات سرطان الغدة الدرقية لدى الأطفال الذين تعرضوا لليود المشع، بالإضافة إلى زيادة في أمراض أخرى وتأثيرات نفسية واسعة النطاق.
حادث فوكوشيما دايتشي (2011):
على الرغم من عدم وجود وفيات فورية مرتبطة بالإشعاع، إلا أنه أدى إلى إخلاء واسع النطاق وتلوث بيئي، مع مخاوف طويلة الأمد بشأن زيادة مخاطر الإصابة بالسرطان والآثار الصحية الأخرى على السكان المتأثرين.
و مؤخرا ضرب المواقع النووية الإيرانية ( فوردو ونطنز وأصفهان)( 2025 )
باختصار، انفجارات أو قصف المنشآت النووية تمثل خطرًا وجوديًا على صحة الإنسان بسبب الإشعاع، الذي يمكن أن يسبب أمراضًا فورية خطيرة أو مميتة، بالإضافة إلى عواقب صحية مزمنة وطويلة الأمد مثل السرطان والأمراض الوراثية، والتأثير على جودة الحياة على مدى عقود ، لذا، فإن منع مثل هذه الحوادث و قصف المواقع النووية دون وضع خطط طوارئ فعالة أمر بالغ الأهمية لحماية الصحة العامة.
دمتم بصحة وعافية