تؤكد العديد من الدراسات العلمية الحديثة وجود علاقة قوية بين مستويات الترطيب (شرب الماء) والصحة النفسية والعقلية، هذه الدراسات توضح كيف يمكن حتى للجفاف الخفيف أن يؤثر سلبًا على المزاج، والوظائف المعرفية، وحتى يزيد من خطر الإصابة باضطرابات نفسية.
إليك ملخص لأبرز النتائج والتوصيات من هذه الدراسات:
تأثير الجفاف على المزاج والصحة النفسية:
القلق والاكتئاب حيث أظهرت دراسات متعددة وجود علاقة عكسية بين تناول الماء ومستويات القلق والاكتئاب. على سبيل المثال:
دراسة إسبانية على 65 طالبة جامعية وجدت أن أكثر من 90% منهن يعانين من جفاف خفيف، وكن يعانين في نفس الوقت من مستويات قلق مرتفعة بشكل ملحوظ (نقلاً عن موقع Psychology Today).
دراسة أوسع شملت أكثر من 3000 شخص وجدت أن من يشربون أقل من كوبين من الماء يوميًا يعانون من معدلات أعلى من القلق والاكتئاب، مقارنة بمن يشربون 5 أكواب أو أكثر يوميًا.
دراسة أجريت عام 2018 على بالغين في إيران أشارت إلى أن شرب كوبين أو أقل من الماء يوميًا أدى إلى زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 73% لدى الرجال و54% لدى النساء، مقارنة بمن يشربون 5 أكواب أو أكثر يوميًا.
دراسة كورية حديثة (2024) على المراهقين وجدت أن شرب أقل من كوب واحد من الماء يوميًا يزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب المبلغ عنه ذاتيًا بنسبة 30%، والتفكير الانتحاري بنسبة 39%. هذه الاحتمالات انخفضت بشكل ملحوظ مع زيادة تناول الماء.
التهيج وتقلب المزاج:
حيث أن الجفاف الخفيف (فقدان 1.5% أو 2% من كتلة الجسم من السوائل) يمكن أن يؤدي إلى سرعة الانفعال والتهيج وتقلبات المزاج والشعور بالتعب والإرهاق.
تأثير الجفاف على الوظائف العقلية (المعرفية):
وظائف الدماغ: يتكون الدماغ من حوالي 73% إلى 75% من الماء، ويعتمد بشكل كبير على الترطيب الكافي للحفاظ على الأداء الإدراكي. أي تغيرات في مستويات الترطيب يمكن أن تؤثر على بنيته ووظيفته.
التركيز والانتباه والذاكرة:
أثبتت الدراسات أن الجفاف يؤثر سلبًا على القدرة على التركيز والانتباه والذاكرة قصيرة المدى، وحتى استدعاء الذكريات طويلة المدى.
دراسة حديثة (2025) وجدت أن المجموعة التي تعاني من الجفاف أظهرت أداءً إدراكيًا أقل بشكل ملحوظ، خاصة في المهام التي تتطلب الانتباه المستدام، والوظيفة التنفيذية، والذاكرة العاملة.
الأشخاص الذين يعانون من الجفاف يبلغون عن شعور أكبر بالتعب، وانخفاض اليقظة، وزيادة الجهد المعرفي المطلوب لإنجاز المهام.
سرعة رد الفعل وحل المشكلات:
يؤدي الجفاف إلى بطء في سرعة رد الفعل وقد يؤثر على القدرة على حل المشكلات المعقدة.
نشاط الدماغ:
حيث أظهرت صور الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) وتخطيط كهربية الدماغ (EEG) أن الجفاف يمكن أن يغير أنماط نشاط الدماغ، خاصة في المناطق المشاركة في الانتباه والذاكرة العاملة والمعالجة التنفيذية.
التوازن بين النواقل العصبية:
يعمل الترطيب المناسب وضروري في الحفاظ على التوازن الدقيق للكهارل (مثل الصوديوم والكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم) في الدماغ، والتي تعتبر حيوية لوظيفة الأعصاب ونقل الإشارات العصبية. كما يدعم الترطيب الكافي إنتاج وتنظيم النواقل العصبية (مثل السيروتونين)، والتي تلعب دورًا حاسمًا في تنظيم المزاج.
أشارت التوصيات والآثار المترتبة:
تشير الدراسات إلى أن شرب كميات كافية من الماء هو استراتيجية بسيطة ومنخفضة التكلفة يمكن أن تساهم في التخفيف من أعراض مثل التعب، والصداع، وضعف التركيز، وحتى القلق والاكتئاب.
يجب الانتباه إلى أن الحفاظ على الترطيب ليس فقط للوقاية من الجفاف الشديد، بل لتحسين الأداء العقلي والنفسي العام.
يوصي الخبراء بعدم إهمال تناول كميات كافية من المياه خلال النهار، للحفاظ على جسم صحي ومتوازن، وللحفاظ على وظائف الدماغ في أفضل حالاتها.
ملاحظة هامة:
في حين أن الدراسات تؤكد العلاقة الإيجابية بين الترطيب والصحة النفسية، فإنه لا يُزعم أن الماء هو العلاج الوحيد أو المسبب الرئيسي للاضطرابات النفسية. ومع ذلك، فهو يلعب دورًا حيويًا في دعم الصحة العقلية والنفسية كجزء من نمط حياة صحي شامل.
دمتم بصحة وعافية.