كتبت/ منال علي
هل تواجه دول أوروبا، وتحديدا دول الإتحاد الأوروبي، مأزقا حقيقياً، قد يدفعها إلى حرب مباشرة مع روسيا؟؟
عندما قررت منع السفن الروسية التجارية من الإبحار في بحر البلطيق، وحاولت مصادرة إحدى السفن الروسية بالقوة، واعترضتها سفن حربية وطائرات أوروبية، لترسل روسيا سربا من الطائرات، كاد يشتبك مع السفن والطائرات الأوروبية، التي حاولت اقتياد السفينة التجارية الروسية، واضطرت سفن وطائرات أوروبا إلى الإنسحاب خشية حدوث اشتباك وشيكا، حيث كانت كل هذه الاشتباكات السياسية والعسكرية منها، عبارة عن ارهاصات يمكن أن تتسبب في اندلاع حرب مباشرة ومدمرة بين دول الإتحاد الأوروبي وروسيا.
وهنا وجب التساؤل حول ما الذي دفع أوروبا إلى هذه المخاطرة؟ وما الذي جعلها، منذ إندلاع المواجهة الشاملة بين روسيا وأوكرانيا، ارسال شحنات الأسلحة الكبيرة والتنسيق العسكري والاستخباراتي الكبير، رغم محاولات البعض إطلاق مبادرات لوقف القتال في أوكرانيا عدة مرات، وكان أخرها اقتراح لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما، التي قوبلت بالرفض الروسي، وقالت إن الهدنة المؤقتة ليست إلا مناورة هدفها استثمار الثلاثين يوما في إمداد أوكرانيا بمزيد من الدعم العسكري، بما سيؤجج الحرب، ولن تكون هدنة من أجل السلام، طالما لا توجد أي خطوط رئيسية لاتفاق سلام، يحقق الضمانات التي تطالب بها روسيا، وبالتالي لن تحقق الهدنة المرتقبة أي خطوة باتجاه السلام، وإنما سيتلوها معارك أشد ضراوة بعد إمداد القوات الأوكرانية المرهقة والمتداعية بمزيد من الدعم العسكري، لتمكنها من مواصلة القتال.
وبعد أن فاز ترامب، الذي عاد إلى هواياته القديمة بعزل أمريكا عن ما يعرف بالنظام العالمي الذي سنته أمريكا نفسها بعد الحرب العالمية الثانية، قام بالانسحاب من تمويل الجهود العسكرية لأوكرانيا، بل مطالبتها بسداد قيمة ما حصلت عليه من دعم في ظل رئاسة جو بايدن وحزبه الديمقراطي، والنجاح في إبرام اتفاق المعادن التاريخي، الذي يقضي باحتكار أمريكا للمعادن الأوكرانية الثمينة والنادرة، لتتحمل أوروبا وحدها أعباء حرب كان من الصعب أن تربحها في ظل الدعم الأمريكي، وليس بمقدورها أن تعوض تراجع الرئيس الأمريكي ترامب عن مواصلة دعم عسكري مجاني، وصفه بأنه تبديد للثروة الأمريكية بلا طائل.
وتتداعى الأزمات بندرة وتقلص التمويل العسكري لأوكرانيا لتزيد من صعوبة المأزق الأوروبي خاصة بعد أن بدأت القوات الروسية هجوم الصيف الذي أعدت له المزيد من القوات والأسلحة، ويحقق تقدما سريعا، فمنذ يومين دخلت القوات الروسية إلى مقاطعة دنيبرو بتروفسك لأول مرة، بما يهدد بقطع الإمدادات عن القوات الأوكرانية، ويضع أوروبا بين فكي الرحى، اما الدفاع عن اوكرانيا بالانخراط في حرب مباشرة مع روسيا أو الانسحاب الكامل من المشهد، حتى يخلو لروسيا الاتحادية الطريق نحو استباحة ما تبقى من أراض أوكرانيه.
ويختتم المشهد الملبد اليوم بصورة كانت قد نشرتها، منذ خمس ساعات فقط، جريدة الفاينانشال تايمز البريطانية وعنونتها بالآتي "هكذا تبدو سماء اوكرانيا اليوم وهي تمطر صواريخ روسية الصنع".