التحول من وراثة الأرض إلى لوبيات ضغط صهيونية ذات طبيعة سياسية واقتصادية مستحدثة

الصفحة الرئيسية
 كتبت/ منال علي 

عاد مؤخراً كتاب التحول the Transformation حول "قضية ناطوري كارتا" (Natourei Karta Motion) أي حراس المدينة، وهي حركة دينية متشددة مناهضة للصهيونية، تعارض قيام دولة إسرائيل، وتري فيها أن قيامها غير مشروع بناء على مبدأ أن الله وحده هو من يملك إقامة الدولة من عدمها، للمؤلف الإسرائيلي بنيامين جيراحميئيل دومب، الصادر عام 1958، إلى الأضواء بقوة مذهلة، ربما بسبب أحداث غزة الدامية على يد اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو. 

إن هذا الكتاب يُعد من أبرز الأعمال التي تُعبّر عن الرؤية الدينية والفكرية لجماعة "ناطوري كارتا"، وهي جماعة يهودية أرثوذكسية متشددة تعارض الصهيونية بشدة.

ويُقدّم الكتاب نقدًا لاذعًا للصهيونية من منظور ديني، مؤكدًا على أن إقامة دولة يهودية قبل مجيء المسيح تُعد خرقًا لإرادة الله وتعديًا على العقيدة اليهودية، حيث يرى "دومب"، وهو أحد حراس المدينة التي تحمي اليهودية وفقاً لعقيدتهم، أن الصهيونية تمثل انحرافًا عن الإيمان اليهودي الأصيل، وأنها تُجسد تمردًا على العقاب الإلهي المتمثل في الشتات، كعقاب إلهي يُظهره 'دمب' على أنه، ليس فقط، نتيجة لأسباب سياسية أو عسكرية، بل هو عقوبة إلهية بسبب خطايا بني إسرائيل، ويؤكد أن الخلاص لا يمكن أن يتحقق إلا بتوبة جماعية وتدخل إلهي مباشر، وليس من خلال جهود بشرية مثل إقامة دولة، خاصة إن كانت تبنى على أطلال مدن أخرى يسكنها أصحابها الحقيقيون.

 ويقوم الكتاب كذلك برفض الصهيونية العالمية الموجودة على شكل لوبيات قوة وضغط حيث يعتبر الكتاب الصهيونية حركة دنيوية تُناقض التعاليم الدينية، يسعى الصهاينة من خلالها تحقيق أهدافهم باستغلال القوة والسياسة والنفوذ، متجاهلين الانتظار الإيماني لمجيء المسيح.
يتميز الكتاب بأسلوبه الجدلي العميق، ويستخدم دومب النصوص الدينية والتاريخية لدعم حججه، ويُقدم تحليلاً عميقًا للتاريخ اليهودي، مع التركيز على الجوانب الدينية والروحية، بعيدًا عن التحليلات السياسية التقليدية.

وبالفعل يُعد هذا الكتاب مرجعًا مهمًا لفهم الموقف الديني الرافض للصهيونية داخل بعض الأوساط اليهودية الأرثوذكسية، ويُسلط الضوء على التوتر بين الدين والسياسة في السياق اليهودي الحديث.
google-playkhamsatmostaqltradent