كتبت /فاطمه احمد يونس
حليق الرأس رافعاً يده بإشارة النصر، ظهر زكريا الزبيدي لأول مرة على وسائل الإعلام منذ إعادة اعتقاله في أعقاب محاولة الهروب الكبير من سجن «جلبوع» عام 2021، والتي أُطلق عليها «نفق الحرية» لتأتي عملية تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل متممةً لتلك الحرية بعد أعوام قضاها في مقاومة الاحتلال.
الدفعة الثالثة لصفقة تبادل الأسرى
أفرجت إسرائيل مساء يوم الخميس عن زكريا الزبيدي، أحد قادة كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة «فتح»، وذلك ضمن الدفعة الثالثة من المرحلة الأولى لصفقة تبادل الأسرى التي أطلقت خلالها حماس 3 من الرهائن الإسرائيليين بجانب 5 مواطنين تايلانديين لديها، مقابل الإفراج عن 110 أسير فلسطيني، بينهم 32 من أصحاب حكم المؤبد و30 طفلا، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت».
وبدأ «الزبيدي» رحلةً جديدة في مشواره النضالي منطلقاً من سجن «عوفر» إلى رام الله حيث انتظرته استعدادات شعبية واحتفالات رسمية لاستقباله في حضور ذويه، باعتباره واحدًا من رموز المقاومة الفلسطينة التي بثت الرعب في المجتمع الإسرائيلي.
بداية انضمامه للمقاومة المسلحة
بدأت حكاية زكريا الزبيدي (49 عامًا) منذ استشهاد والدته سميرة وشقيقه طه خلال الاجتياح الإسرائيلي الشهير لمخيم جنين في عام 2002، ليدأ بالتعرف إلى بشاعة سجون الاحتلال هو وبقية أشقائه، ومنهم يحيى الذي أمضى 20 عاماً في المعتقلات الإسرائيلية منذ عام 2004.
بسبب انتهاكات الجيش الإسرائيلي على مدى عقود، دخل «الزبيدي» في مواجهة غير متكافئة مع قوات الاحتلال، هم يرمون الرصاص والقنابل وهو يرمي الحجارة و«المولوتوف»، حتى اعتقل للمرة الأولى في عام 1989، لمدة 6 أشهر قبل أن يُعاد اعتقاله في عام 1990 بتهمة إلقاء حجارة وزجاجات حارقة باتجاه الجيش الإسرائيلي، ليُحكم عليه بالسجن مدة 4 أعوام ونصف بينما كان لا يزال شابًا صغيرًا.
وداخل السجن، انضم إلى صفوف حركة فتح التي كان والده عضوا فيها، ليبدأ منذ ذلك الحين فصلاً جديدًا في حكايته إذ اكتسبت مقاومته الدقة في التنفيذ والتنظيم حتى انخرط في الانتفاضة الثانية، وراحت القوات الإسرائيلية تطارده في أزقة مخيم جنين، لكنه كان أكثر براعة منها في الإفلات والتخفي.
زكريا الزبيدي
بين «التنين» و«الجرذ»
بقي الزبيدي مطارداً من الجيش الإسرائيلي حتى عام 2007 حين وافق على تسليم سلاحه للسلطة الفلسطينية مقابل إسقاط اسمه عن لائحة المطلوبين لإسرائيل، وفي عام 2011 ألغت سلطات الاحتلال العفو عنه لأسباب غير معلنة ليواجه الاعتقال مجددًأ في عام 2019 من مدينة رام الله بتهمة تنفيذ هجمات دامية ضد إسرائيليين، إلا أنه أقدم بعد ذلك بعامين مع على واحدة من أكثر محاولات الفرار من السجون جرأةً في التاريخ، إذ تمكن في عام 2021 من الهروب من سجن «جلبوع» الإسرائيلي المحصّن عبر نفق حفره مع 5 فلسطينيين آخرين نجحوا في تحدي إدارة السجن قبل أن يعيدوا اعتقالهم بعد أيامٍ قليلة، بحسب صحيفة «هآرتس».
وبين اختلاف الألقاب التي اشتهر بها عند الفلسطينيين والإسرائيليين، يروي زكريا الزبيدي في مقدمة رسالته الجامعية في العلوم السياسية تحت عنوان «التنين والصياد»، أنه تعرّض لعدة محاولات اغتيال من جهاز المخابرات الإسرائيلية، وأن جيش الإحتلال كان يُطلق عليه اسم «الجرذ الأسود»، نظرًا لقدرته الفائقة على مراوغتهم والإفلات منهم كلما لاحقوه بهدف اعتقاله أو قتله.