recent
أخبار ساخنة

الزواج والطلاق فى مصر القديمة

الصفحة الرئيسية


 كتبت / أيه إبراهيم 



 المصريون القدماء بشر بمشاعر إنسانية فلم يكونوا مجرد شعب صاحب حضارة عظيمة فقط ، فقد سلطت النقوش والنصوص المصرية القديمة الضوء على الكثير من جوانب الحياة الإجتماعية حيث أولى المصرى القديم اهتمام كبير بالأسرة والتربية الصحيحة والنشأة السوية للأطفال بين أب وأم متحابين .

 وسنتناول في مقالنا لليوم بعض العادات والتقاليد المتعلقة بالجواز والطلاق ....

 انتشرت عادة الزواج المبكر فى مصر القديمة كما هو الحال فى الشرق وذلك للحفاظ على الشباب من إرتكاب أفعال خاطئة، فكان عندما يبلغ الشاب أشده ويصبح لديه عمل أو يكون قد أنهى تعليمه فيبدأ بالبحث عن زوجة له .

فنجد فى نصائح الحكيم "أني"  لإبنه "خنسو حتپ" مايحثه على الزواج المبكر ( يا بنى اتخذ لنفسك زوجاً وأنت صغير حتى تنجب لك طفلاً فإن أنجبته فى شبابك أمكنك أن تقوم على تنشئته حتى يغدو رجلاً) .

وعبر المصرى القديم عن علاقة الزواج بكلمات شاع استخدامها فى عصر الأسرات واستمر بعضها حتى العصر البطلمى ومنها : 

(إر حمت) بمعنى إتخاذ زوجة واستخدمت فى الدولة القديمة .

(منى) بمعنى الرسو والإرتباط واستخدمت فى الدولة الوسطى .

(مر) بمعنى الحب أو الود وجاءت فى عقود الزواج الهيراطيقية فى العصر المتأخر .

وكانت توصف الزوجة الشرعية لزوجها (مريت) بمعنى الحبيبة أو (نبت پر) بمعنى سيدة المنزل .


وكانت الزوجة تدعى الزوج باللفظ (هاى أو هى) بمعنى الزوج أو البعل و (نب) بمعنى السيد أو رب المنزل .

أما بالنسبة لزواج المحارم (أخ وأخته أو الأب من إبنته) فلم يظهر هذا الأمر فى مصر القديمة سوى في حالات قليلة خصوصاً بين الأسرة المالكة حيث يكون الزوج والزوجة أخوين وذلك وفقاً لنظرية وراثة العرش التى تحث على من يُورث العرش لابد أن تكون أمه وأبوه من نسل ملكى وذلك للحفاظ على نقاء الدم الملكى.


وكذلك زواج الأب وإبنته لم يظهر إلا فى عهد الدولة الحديثة فى عهد الملوك "أمنحتب الثالث والرابع ورمسيس الثانى" فلقد اتخذت بعض بناتهم (سات أمون أبنة أمنحتب الثالث، مريت آتون إبنة أمنحت الرابع، مريت أمون إبنة رمسيس الثانى) لقب "حمت نسو ورت" ولكن هذا لا يعنى أنه يكون زواجاً حقيقياً فمن الممكن أن تكون سمحت بعض الملكات لبناتهن بإتخاذ هذا اللقب إذ يعتبره البعض لقب شرفى كنوع من التكريم للبنات أو لتجهزيهم ليصبحوا ملكات فالبعض منهم اتخذن هذا اللقب فى حياة والدتهن، ولكن على الجانب الآخر ليس هناك ما يمنع أن يكون هذا الزواج حقيقياً، ومن المعروف أن الملك كالإله ولذا فله الحق فى إتخاذ أى فتاة زوجة له حتى ولو كانت إبنته فى ظروف استثنائية خاصة بالعرش ولكن لم يكن هذا الأمر شائعا أو مقبولاً بين عامة الشعب .

أما تعدد الزوجات فلم يكن منتشراً كثيراً فى مصر القديمة فكلما عُرف أن هناك رجلاً له زوجات أخريات لم يكن هناك دليل ثابت يجزم هذا الأمر، أما فى الأسر المالكة كان الأمر مختلف فمن الممكن أن يتزوج الملك من أُخريات لأسباب سياسية وقد انتشر هذا الأمر فى عصر الملك "أمينوفيس الثالث" حيث وفد إلى بلاطه عدد كبير من أميرات أجنبيات وقد حظوا بمكانة كبيرة حينذاك فقد سجل على أوعيتهم الكانوبية نصوص مثل (من حاربت بضراوة فى سبيل عظمة آتون) .


وأحياناً كان يكون للرجل القادر الحق على ضم مغنيات وجوارى وكذلك الملك يكون له الحق فى إتخاذ زوجات أُخريات لاحق لهن فى العرش بخلاف زوجته الشرعية مثل الملك "خوفو" تزوج بأكثر من واحدة والملك "أمنحتب الثالث" تزوج من بلاد بابل وميتانى وأشور بالإضافة إلى زوجته "تى" وأيضاً الملك "رمسيس الثانى" فقد تزوج من "نفرتارى" و"إيزة نفرت" ثم إبنة الملك خاتوسيل ملك الحيثيين، وهناك مثال أيضاً على تعدد الزوجات عند كبار رجال القوم فنجد فى عصر الأسرة السادسة الأمير "مرى كا رع" يصور نفسه على جدران مقبرته وحوله ست زوجات وهناك أيضاً أمير من الدولة الوسطى يدعى "أمينى" توضح مقبرته أنه كان متزوج من أمرأتين .


وعلى أى حال فقد كان مألوفاً أن يكون للرجل زوجة واحدة، أما تعدد الزوجات فيرجع إباحيته إلى تقاليد الشعب إلا أن الظروف الإقتصادية حددته فأصبح مقتصراً على الأسرة الملكية وطبقة النبلاء وهذا لا ينفى الأمر عن الطبقات الوسطى والفقيرة.

العشق والزنا رفض المصرى القديم هذا الأمر وخاصة إذا كان مرتكبه متزوجاً، فإذا زنت إمرأة متزوجة من الممكن أن تدفع حياتها ثمناً لذلك أو كانت تنبذ بالإنفصال والطلاق كما يحدث فى العصرين اليونانى والرومانى .


ولو كان المرء متزوجاً وله فى نفس الوقت خليلة غير متزوجة فقد كان يلقى قبول المجتمع حيث كان للخليلة نفس شرعية الزوجة وربما كان هذا الأمر استثناءاً للقاعدة .


وهناك لوحة لرجل يسمى "أمينمحت" سجل عليها سلوكه السوى ( كنت كاهناً وكنت عصى العجز لأبى حين كان بين الأحياء ولم أغو خادمة) .

الزواج من أجنبيات : كان المصرى القديم يرى أن زوج البنت لابد أن يكون مصرياً وذلك لكى يتخذ من ذرياتهم سنداً لهم عند الكبر، أما فى العائلة الملكية كان الأمر مستحيل فورد فى رسائل تل العمارنة أن الملك البابلى "كادشمان إنليل الأول"  قد سأل الملك "أمنحتب الثالث" أن يزوجه بأميرة مصرية فرفض الملك طلبه بشدة وقال أنه لم يسبق أن أُرسلت أميرة مصرية إلى أى إنسان، فطلب أن يزوجه الملك بأية إمرأة مصرية أخرى ولكن رفض الملك أيضاً .

وعرف المصري الطلاق حيث كان حقاً لكل الزوجين أن يطلب الطلاق، وكان يتم إما بهجر الزوج للزوجة لأى سبباً كان مثل عدم قدرة الزوجة على الإنجاب أو لأنه كره البقاء معها أو بسبب الخيانة الزوجية .


كان للزوجة الحق أيضاً فى ترك منزل الزوجية إذا كرهت البقاء مع زوجها أو لأن هناك إمرأة أخرى، وفى بعض الأحيان كان يتم الطلاق بإتفاق كلا الطرفين .


وفى حالة حدوث الطلاق بإرادة الزوج ولم ترتكب الزوجة إثماً فإنها تحصل على مال أو منقولات أقرها الزوج فى عقد زواجه وهدية الزواج التى تكون مؤجلة عند الإنفصال وأيضاً تأخذ ثلث مااكتسبه الزوج خلال فترة زواجهما، أما إذا كانت الزوجة هى الراغبة بالطلاق فإنها تحصل على ماتم ذكره سابقاً فيما عدا هدية الزوج فيصلها منها النصف وليست القيمة الكاملة .


أما إذا اقترفت ذنباً أو خيانة فلا تحصل على هدية الزوج وتحرم من ثلث الكسب المشترك مع الزوج وتسترد فقط أموالها وممتلكاتها التى قد ساهمت بها عند الزواج .


وكانت صيغة الطلاق كالآتى :

 (لقد هجرتك كزوجة لى، وإننى أفارقك، وليس لى مطلب على الإطلاق، كما أبلغك أنه يحل لكى أن تتزوجى ....)
google-playkhamsatmostaqltradent