recent
أخبار ساخنة

"أصل منطقة أبو زعبل"..تعرف على حكاية من القليوبية








كتب : حنان جبل



 
 منطقة  ابو زعبل - مركز الخانكة 
المنطقة كانت قرية قديما، واسمها الأصلى «القصير»، وعرفت باسم «بنى صيرة» لفترة من الزمن، وظلت تحمل اسم «القصير» إلى آخر أيام المماليك.

 ثم أطلق عليها اسم «أبوزعبل» كما هو ورد فى «كتاب وقف» محرر بتاريخ 10 من شهر رجب سنة 926 هجرية عن أرض أوقفها «خاير بك الجركسي»، والى مصر بزمام الناحية.

كانت بها أرض زراعية مملوكة لشخص اسمه «ابن قرجا التركماني» فى عهد السلطان «الأشرف شعبان»، وأرسل «ابن قرجا» قيِّماً للإشراف على زراعتها وجمع محاصيلها اسمه زعبيل. 

ويُكنَّى «أبوزعبل»، فقام ببناء بعض المنازل لأسرته ومزارعيه أطلقوا عليها اسم «منازل أبوزعبل»، وما زالت آثار تلك المنازل بجوار «عٌرم أبو صلاح» وتعرف باسم الدار البيضاء.

 ومكانها شرقا بعد «العكرشة» باتجاه «الجبل الأصفر»، وانتقلت تبعية أبوزعبل من الشرقية إلى قليوب ثم أصبحت تابعة لمركز شبرا ثم انتقلت تبعيتها إداريا إلى مركز نوى ثم إلى مركز شبين القناطر وعام 1946 أصبحت تابعة لمركز الخانكة إلى الآن.

كثيرا ما نسمع مقولة «آخرتها أبو زعبل» فى الحياة، والأعمال الدرامية والسينما والمسرح، فى مواقف فكاهية أحيانا، وساخرة أحيان أخرى، أو للتهديد. وهذه جملة لم تأت من فراغ،فلها تاريخ اجتماعى وشعبى يستحق التأمل.

 حين يريد أحد الركوب إلى «أبو زعبل» يشير للميكروباص والأوتوبيس بعلامة الكلابش (يطبق اليدين معا) الذى يوضع فى يد الموقوفين.

 و«أبو زعبل» هى أكبر تجمع سكنى وصناعى فى «مركز الخانكة»، وتعد نقطة عبور لثلاث محافظات القاهرة والقليوبية والشرقية.

 ويجاورها سوق العبور للخضار والفاكهة والأسماك، وفيها أهم مصانع الإنتاج الحربي، وأكبر مصنع سماد كيماوى، ومصنع الشبة، وتمتلك طاقات بشرية هائلة تمثل مصر كلها تقريبا.

 ظلت أبوزعبل قرية زراعية لفترة طويلة من الزمن حتى عام 1827 ميلادية حتى اختارها «محمد على باشا» لإقامة عدد كبير من المدارس فأنشأ مدرسة الطب فيها وأسند نظارتها إلى «إبراهيم بك رأفت» وكان عدد الطلبة ثلاثمائة تم اختيارهم من طلاب الأزهر.

 وأنشئت فيها أقسام لتعليم النحو والحساب والهندسة، وذاعت شهرة هذه المدرسة فى البلاد العربية لدرجة أن «الأمير بشير الشهابي» طلب من «إبراهيم باشا» أثناء حملته العسكرية على سوريا أن يتوسط فى قبول بعض أبناء الشام لدراسة الطب فيها.
 ومن بين الأساتذة الذين درسوا فيها العالم الفرنسى الشهير «تيودور بلهارس» مكتشف مرض البلهارسيا. وكان وجود «المستشفى العسكرى العام» الذى أنشىءعام 1824 هو سبب اختيار أبوزعبل لإقامة أول مدرسة للطب البشري.

 وأقيم بجوار مدرسة الطب مستشفى كبير يضم 720 سريرا وألحق به حديقة كبيرة بها كل أنواع العطور والنباتات النادرة لاستخراج العقاقير الطبية بمعرفة إخصائيين فرنسيين وإيطاليين، استحضرهم «محمد على باشا» لهذا الغرض، وعاونهم صيادلة مصريون برعوا فى هذا التخصص .

 تولى نظارتها المسيو «أنطوان كلوت بك» الفرنسى الجنسية الذى جاء إلى مصر 1825 بدعوة من الباشا، وكان له فضل ازدهار مدرسة الطب هذه والمستشفيات العسكرية، وإنشاء مصلحة الصحة الحربية.

 فى 1827 أيضا تم إنشاء مدارس «الصيدلة»، و«الطب البيطري» وتولى إدارتها مسيو «هامون» الإيطالي بجانب «مدرسة القابلات» التى أحضر لها الباشا بعض السودانيات والحبشيات ليتعلمن ويُعلمن فن الولادة والتمريض.

وذكر المؤرخ الجبرتي - أن جنود الحملة الفرنسية عندما أرادوا احتلال «منطقة أبوزعبل وخانقاه سرياقوس» فى مايو1798 قاومهم أهالى أبوزعبل مقاومة شعبية عنيفة بالفئوس والهراوات.

ومن الآثار الإسلامية النادرة الموجودة فى أبوزعبل إلى الآن «صهريج» كبير المساحة مقام على أعمدة رخامية بسقف هندسى رائع تتجلى فيه العمارة الإسلامية. 

ويشير الرواة إلى أنه كان يملأ بالماء فى عهد السلطان «صلاح الدين الأيوبي» عام 1150.

 وأصبحت أبوزعبل الآن مدينة صناعية بعدما أقيمت على أرضها عشرات المصانع الكبيرة وارتفعت فى سمائها المداخن وملأت أرجاءها أصوات الآلات.

 وأقيمت هناك أيضا أول محطة لإذاعة ماركونى البريطانية، التى منحتها الحكومة المصرية فى سبتمبر 1932 حق إنشاء محطة إذاعية يكون 55% من أسهمها ملكا للمصريين.

وخلد القدر اسمها عالميا فى «العدوان الثلاثي» عندما ألقى عليها المعتدون قنابلهم يوم الجمعة 2 نوفمبر 1956 واندحر المعتدون وعاشت أبوزعبل.
google-playkhamsatmostaqltradent