recent
أخبار ساخنة

مُسكِرتي الكاتبة الروائية حسناء محمد عبد المنعم







بقلم الكاتبة الروائية / حسناء محمد عبد المنعم 





كل ذكرياتي تبدأ من هذه النقطة عند هذه العربة من القطار، كان أول لقاء لي بها، كنت كالعادة مع زجاجة الخمر الخاصة بي، كنت في أوج مرضي بالتيه، حتى كانت تُهرول لتدلف داخل القطار وتبحث عن شئ ما، يجعل من يراها يثبت نظره عليها، حتى أنا من الواضح فور رؤيتها كل ما احتسيته من شراب تطاير من جسدى ، كانت غريبة بعض الشئ، جعلتنى اتحدث معها دون إرادة، حتى اردفت
- عن ماذا تبحثين؟ 
- ‏نظرت إلي وأشاحت بنظرها عني وأكملت في طريقها حتى جلست، وبعد خمس دقائق كانت أصدرت صوتًا مدويًا جعل كل من في القطار ينتبه لها، بعدها خجلت قليلًا، كانت ملفتة بشكل لطيف، ربما خمري لم يدم طويلًا، فيبدوا أنها مسكرة أكثر منها!
- ‏ظللت حوالي خمس دقائق كاملة انظر لها من بعيد، كانَ يبدو عليها الأرق ، ظلت تنظر إلى اللاشئ، كأنها تحمِل هموم الدنيا 
- ‏لاحظَ أحدُ الجالسين أنني أنظر إليها فأشحت بنظري عنها، لبعض الوقت ما لبست حتى وجدتها تبتسم ومن ثم تبكي، الأمر مربك ومحير، لماذا تتصرف بغرابة، لا يهُم، ولكن بعد بعض الوقت زاد الأمر عن حده، لم أجد بدًا فذهبت إليها واحتضنتها، الأمر غريب لا أدري لمَ فعلت هذا وكيف؟ 
- ‏أعلم أنها ستغضب ولكن لا بأس أعلم أنها بحاجة إلى هذا
- ‏توقعت فور حدوثى لهذا الشئ أنها تثور ،
- ‏لكنها كانت مستسلمة ولا يوجد أى رد فعل لها سوىَ التشبث بي ،حتى تعالت شهقاتها واذدادت دموعها ، أخذتُ اطمئنُها واقول
- ‏ انتى بخير انا بجانبك لا تقلقي، من طبيعتي عدم تدخلي فى شئونِ الغير ، ولكن لا أعلم لمَا فعلتُ ذلك معها أنا قاسي الطبع  فكيف لى أن اطمئنها هكذا؟
- ‏ انا من أريد من يطمئِنني، كنت أشعر شعور غريب مختلف لا اعلم! لكن شعرت لوهلة أنها مسؤلة مني ولا يجب أن اتركها تبكى هكذا
- ‏فور خروجها من حضني خجلت من رد فعلها واعتذرت، وبعدها رحلت، ولكن الغريب في الأمر أنها عادت إلي وصفعتني! 
- ‏هذه الفتاة مجنونة أليس كذلك، حسنًا تشاجرت معها واستدارت ورحلت، تبعتها حتى علمت أين تسكن، أعلم مكان سكنها هذا، ألفته من قبل، تذكرت هذا منزل صديق أبي الذي مات منذ مدة طويلة، علمت الآن سبب بُكائها وسبب حزنها، حتى أنني فهمت سبب صفعها لي، كان والدها محافظًا من الدرجة الأولىٰ، والسبب الرئيسي لبكائها أنها ضَلت الطريق، ودلفت إلى المحطة الخطأ، أما ضحكها  أنها علمت من اول نظرة لي أنني صديق الطفولة، كيف لم أتذكرها انا؟
- ‏بعد ذلك ذهبت إلى منزلي وبدأت أفكر فى هذه الفتاة، وفي تلك الذكريات التي حاولت أن انساها 
- ‏لماذ لا تخرج من عقلى؟،منذ متى وانا أعطى لشئ أهمية لهذا؟ ألم يتدمر كل شيء تمنيته؟ لذلك اريد أن امحوها من مخيلتي ومعها العاب الطفولة والصور، وايضًا تلك الضفائر خاصتها،ثم 
- ‏ دلفت إلى المرحاض وضعت راسى تحت الصنبور بعد أن تركت للماءِ العنان للنزول فوق رأسي ثم ذهبت إلى الفراش وحاولت أن أخرج كل هذا الهراء من خاطرى حتى ‏استسلمت للنوم
- ‏ربما أنا دائمًا شخص متهور، وحتى أوقف كل هذا الهراء أخبرت أبي أنني أرغب في خطبتها، لم يصدقني أبي حتى كانت رجله تلامس رجلي في منزلها، ربما صُعقت من وجودي ولكنها وافقت علي، لم أسألها عن الأسباب لأني أعلم جميعها
- ‏ ولكن بعد فترة أدركت أنني بالفعل لا أقدر على نسيانها، تركت الخمر، أو أعتقد أنني لم أعد في حاجة إليه، فهي باتت مسكرة قلبي، ومنزلي الجديد، أصلَحت كل ما هو فاسد فيّ، لقد أصلحتني، أعترف أنها كانت أجمل خطوة متهورة في حياتي. 
google-playkhamsatmostaqltradent