الفيوم كنموذج للاستصلاح الزراعي قديماً

الصفحة الرئيسية




كتبت / شروق السيد



إن منخفض الفيوم الواقع علي مسافة 80 كيلومتراً تقريباً ، جنوب غرب القاهرة هو الأثر المتبقي من دلتا لنهر النيل ، ويصل إلي 45 متراً تحت مستوي البحر ، تشغلها بحيرة مالحة أطلق عليها قديماً اسم "پا_يم" أي البحر ، وكانت هذه الواحة عبارة عن مستنقعات ملائمة للصيد والقنص.
وقد كان أهم المعوقات التي حالت دون استثمارها بطريقة مكثفة تقلب مستوي بحيرة الفيوم إذ إن الارتفاع المفاجئ للمياة المالحة قد يضر بالزراعة ، ولكن حظيت الفيوم في ظل الأسرة الثانية عشر باهتمام ورعاية السلطة ، ويمكن تفسير هذا برؤيتهم لضرورة استصلاح مناطق زراعية جديدة دعماً لجهود النظام الملكي.
ويبدو انه في إطار سير العمل الطبيعي لجهاز الدولة كان عدد من مؤسسات إقامة الشعائر الدينية يدخل الخدمة مع كل انتقال إلي عهد جديد ، ومن هذه المؤسسات تلك المتربطة بالمجموعة الجنائزية الملكية ، وهكذا يبدو لنا نموذج الفيوم عندما أمر "سنوسرت الثاني" بتشييد هرمه في اللاهون.

وكانت المجموعة الجنائزية تضم مدينة أهرام حقيقية تتولي مسئوليات إدارية واسعة ، وفيما بين اللاهون والغراب نلاحظ وجود آثار سد ضخم أقيم علي بحر يوسف ، ويبدو أن تنفيذ هذا المشروع كان معاصراً للاعمال التي جرت في موقع الهرم ، وكان الهدف التحكم في مستوي البحيرة بمراقبة المصدر الرئيسي الذي يغذيها بالماء وتوفير الموارد اللازمة من المياة العذبة لتطوير الزراعة.

وبعد "سنوسرت" جاء "أمنمحات الثالث" ليأمر بتشييد مجموعته الجنائزية في هوارة علي مقربة من مجري بحر يوسف ، كما أمر بتشييد عدد من المعابد في المنطقة ، لا سيما في كيمان فارس ومدينة ماضي ، إجلالاً وتعظيماً للمعبود التمساح "سوبك"  ، وفي بيهامو أمر الملك بإقامة تمثالين ضخمين عند ضفاف البحيرة وكأنه أراد إحياء ذكري الانتصار الذي حققه علي منسوب المياه.
google-playkhamsatmostaqltradent