كتب / محمد حمدي
بعد أن أستولي الأمويين علي الخلافة إنتقلت عاصمة الدولة الإسلامية من المدينة المنورة ، والكوفة إلي دمشق وقد كان ذلك إيذاناً بإنتهاء عصر دولة الخلافة الراشدة ، فبعد أن أستقر بني أمية في حاضرة ملكهم الدائم في دمشق بدأ خلفائهم في التفكير في تشييد المساجد الكبيرة لكي توازي في العظمة كنائس المسيحين في ذلك الوقت إلي جانب ذلك شيدوا الكثير من القصور في بادية الشام ، ومثال علي ذلك " قصر عمرا " ، و " قصر المشتي " ، و " قصر الطوبة " وسوف نتحدث عن هذه العناصر المعمارية في مقالات مفصلة فيما هو قادم إن شاء الله ، ولكن في هذا المقال سوف نتناول بالبحث الجامع الأموي الذي يعد درة الأعمال المعمارية الأموية ليس فقط في دمشق بل في الدولة الإسلامية ككل .
يعتبر الجامع الأموي بدمشق من أهم عمائر الأمويين في الدولة الإسلامية ؛ حيث قام ببناؤة الخليفة " الوليد بن عبد الملك بن مروان " عام 88هـ ، وأنتهي العمل فيه عام 96هـ ، وعن أصل الأرض التي بني عليها المسجد فقد كان يوجد بها معبد وثني لليونانيين الكلدانيون ثم بعد ذلك قام مسيحو دمشق ببناء كنيسة القديس يوحنا مكان المعبد ؛ حيث قام الخليفة الوليد بشراء هذه الكنيسة وقام بهدمها ، وعلي أنقاد هذه الكنيسة تم تشيد المسجد الأموي ، وقد أنُفق علي عمارة هذا المسجد أموال طائلة تري بعض المصادر أنها قد وصلت لمائتي ألف دينار حتي أن أهل دمشق قالوا في ذلك : " أنفق الوليد أموال بيت المال في غير حقها " ولكن هذا لم يحدث والدليل علي ذلك أن أول صلاة في المسجد الأموي حمل الخليفة " الوليد بن عبد الملك " كميات ضخمة من الذهب ، والفضة إلي المسجد وعرضها علي عامة المسلمين ووضعها في بيت المال حتي كانت هذه الأموال كانت تكفي المسلمين لثلاث سنوات قادمة .
وصف الجامع :
يعتبر الجامع الأموي بناء مستطيل الشكل وله ثلاث مداخل محورية كما توجد داخل أركانه الأربعة أربع أبراج التي كانت تعتبر هي أولي المأذن في الإسلام ، والتي كان لها أكبر الأثر في تصميم كثير من مأذن المساجد في الدولة الإسلامية سواء في شمال إفريقيا أو في الأندلس ، ولا تزال إحدي هذه المأذن باقية إلي يومنا هذا في الركن الجنوبي الغربي للمسجد .
ويتوسط الجامع صحن مكشوف مستطيل الشكل تحيط به أربع أروقة أكبر هذه الأروقة رواق القبلة أما سقف المسجد فكان محمولاً علي صفين من الأعمدة الرخامية ، ويتوسط رواق القبلة قبة حجرية أضيفت للمسجد في عصر متأخر .
ويحيط بصحن الجامع عدد من الأروقة تًحمل علي عدد من الأعمدة والدعائم ؛ حيث تعلو هذه الدعائم والأعمدة المحيطة بالصحن صفاً من النوافذ موضوعة بحيث كل نافذتين منها موضوعة فوق عقد من العقود السفلية .
أما عن أرضية الجامع فكانت في يوم من الأيام مفروشة بالرخام ، وكانت جدرانه هي الأخري مغطاة بلوحات من الرخام غاية في الروعة ، ودقة الصنع وفوق هذه اللوحات كانت توجد زخارف من الفسيفساء المزخرف بالذهب ، والألوان الزاهية التي لايزال جزءاً منها موجود في الرواق الغربي حتي اليوم كما يوجد في المسجد عدد من النوافذ التي تحتوي علي أقدم نماذج من الزخارف الهندسية في الإسلام والتي يظهر عليها التأثر الكبير بالفن الإغريقي ، والروماني .
ولكن الشيئ الذي يدعوا للأسف أن أجزاء كبيرة من الفسيفساء الذي كان يزين المسجد الأموي قد دُمر في عدة حرائق نشبت في المسجد كان أولها في نهاية القرن الحادي عشر، وأخر في بداية القرن الخامس عشر ، وحريق ثالث كان في نهاية القرن التاسع عشر هذه الحرائق لم تترك سوي أجزاء بسيطة من الفسيفساء .
وإذا كان الفسيفساء الذي تبقي والذي تم الكشف عنه في المسجد يعود لعصر الخليفة الأموي " الوليد بن عبد الملك " فإن هناك كميات من الفسيفساء الذي أضافة السلطان السلجوقي " ملك شاة " في نهاية القرن الحادي عشر .
وفي النهاية يمكن القول أن الجامع الأموي بدمشق يعد من أشهر الأعمال المعمارية التي شيدها بني أمية في بلاد الشام بشكل خاص ، وفي الدولة الإسلامية بشكل عام حتي أن الكثير من المساجد التي بُنيت في الدولة قد تأثرت كثيراً ببناء هذا الجامع لعل خير مثال علي ذلك مسجد قرطبة الكبير الذي شيدة " عبد الرحمن الداخل " والذي يعد درة مساجد الأندلس ، وغيرة من المساجد التي شيدت في بلاد المغرب العربي .