كتبت : فاطمه القاضى
نبدأ جولتنا لعرض الصحف من صحيفة هآرتس التابعه للاحتلال، بمقال للكاتب روجل آلفر بعنوان: "الإسرائيليون وقادتهم يرفضون دفع ثمن صفقة الرهائن."
يقول الكاتب إنه "لن تكون هناك صفقة لتبادل الرهائن، لكن الرغبة موجودة"، وإن ثمن تحرير الرهائن سيكون الاعتراف بالفشل في حرب الاحتلال على غزة، ولا تملك حكومة الاحتلال تفويضاً بالتخلي عن الرهائن. ويتساءل: "لماذا لا ينتصر الاحتلال حتى عندما تعتبر منتصرة؟".
أصبح من الواضح للجميع أن النصر للاحتلال غير صحيح. في الواقع، العكس هو الحال. ولكن هذا ما يدّعونه لأنه متأصل بعمق في النفس الإسرائيلية ومفهوم الجيش. إنها روح جيش الدفاع الإسرائيلي، بحسب الكاتب روجل.
يقول آلفر: "العديد من الإسرائيليين غير مستعدين لقبول شروط حماس بسبب الخوف الذي يعيشونه من المحرقة، من محاكم التفتيش الإسبانية، من الفلسطينيين، معاداة السامية العالمية".
ويضيف: "عندما يرون جثث أكثر من 23,000 من سكان غزة، وأكثر من 60,000 جريح وما يقرب من 2 مليون من سكان غزة نزحوا من منازلهم، والعديد منهم يعانون من الجوع الشديد - عندما يراهم الإسرائيليون، فهم لا يرون آثاراً للإبادة الجماعية، ولا دليلاً على القتل المتفشي أو جرائم الحرب، بل يرون القوة، ويرون الشرف والردع والانتقام. إعادة تأهيل مكانة الاحتلال كقوة إقليمية، أمور تجعل زعيم حزب الله حسن نصر الله يرتعد".
وبحسب الكاتب، فإن سكان التجمعات الحدودية لغزة سيرفضون العودة إلى منازلهم، وأن الاستسلام لحماس سوف يُنظر إليه على أنه "إهانة وطنية"، والخوف من أن مثل هذه الصفقة ستشجع "أعداء" آخرين على اختطاف إسرائيليين، الذين لن يكونوا آمنين في أي مكان في العالم. إنه الخوف من بقاء حماس في غزة.
ويقول آلفر: "إن التناقض الواضح بين إسقاط حماس وإعادة الرهائن سوف يتم حله بطريقة الاحتلال الكلاسيكية: محاولة إسقاط حماس وإخراجها من غزة سوف تستمر، وسوف تفشل. في حين أن الموقف من الرهائن سيتوقف على مستوى الشوق وجلد الذات. وهناك ستستخدمهم الدولة أيديولوجياً كرموز جديدة للاستشهاد اليهودي في الاراضي المحتله، والتضحية، والبراءة، والعدالة".
ويختم بقوله: "بسبب النظرة العالمية السائدة في الاحتلال، فإن صفقة الرهائن غير ممكنة، سوف ينتصر الخوف والنزعة العسكرية دائماً. والأكثر من ذلك عندما يقوم الجناة في الكارثة - من نتنياهو وغالانت إلى رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفل واللواء يارون فينكلمان، رئيس القيادة الجنوبية لجيش الاحتلال - بالنظر على إرثهم، أو في حالة نتنياهو ومصيره السياسي، فالصفقة مع حماس تتعارض مع غرائز الإسرائيليين".
من يحكم الأمواج يحكم العالم..أزمة البحر الأحمر ستظهر لنا إذا كان ذلك صحيحاً
وإلى صحيفة الغارديان البريطانية ومقال بعنوان "من يحكم الأمواج يحكم العالم.. أزمة البحر الأحمر ستظهر لنا إذا كان ذلك صحيحاً"، للكاتب كيم داروتش.
"استيقظنا جميعاً يوم الجمعة على أخبار الضربات الجوية الأمريكية/البريطانية على اليمن، كما هو الحال في بعض ألعاب الفيديو. لكن هناك أهدافاً استراتيجية حقيقية، وأشخاصاً حقيقيين: طيارون بريطانيون وأميركيون يخاطرون بحياتهم، ويمنيون على الأرض تحت القنابل"، يقول كيم.
يقول الكاتب إن الصور تستحضر القصف الأمريكي البريطاني الفرنسي لسوريا في عام 2018، والقصف البريطاني الفرنسي لقوات معمر القذافي في ليبيا عام 2011، وحملة "الصدمة والرعب" في العراق عام 2003. ويتساءل: "كيف انتهت هذه الهجمات؟ ليس على ما يرام، لكن الشيء الذي لم يحدث أيضاً لم يكن جيداً: الضربات الجوية المقترحة بقيادة أوباما من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا على قوات بشار الأسد بعد أن استخدمت الأسلحة الكيميائية ضد سكانها في عام 2013".
"في أغسطس 2013، كنت مستشاراً للأمن القومي في المملكة المتحدة، أتذكر الاستماع إلى مكالمة هاتفية من باراك أوباما إلى ديفيد كاميرون، وكان الاقتراح الأمريكي: شن ضربات جوية على قوات الحكومة السورية، لكن مفتشي الأمم المتحدة كانوا لا يزالون في سوريا، مما أتاح الوقت لمناقشات مجلس الأمن القومي والحكومة".
وكما ستظهر السجلات العامة في نهاية المطاف، فقد كانت هناك عملية سليمة، ودققت وزارة الدفاع والجيش في الخطط والأهداف الأمريكية، وخلصتا إلى أن الاقتراح، بعيداً عن الصدمة والرعب، كان محدوداً للغاية، بحسب الكاتب.
ويضيف: "بعد بضعة أيام، تخلى أوباما عن خططه بشأن الضربات الجوية الأمريكية، واستقر على صفقة تتضمن وعوداً سورية بتسليم قدرات الأسلحة الكيميائية لديها. وأكد أوباما في وقت لاحق أن هذا كان واحداً من أفضل القرارات التي اتخذها على الإطلاق، وفي نهاية المطاف، فازت حكومة الأسد في حربها الأهلية، على حساب التدمير الشامل للبلاد، في حين وسعت روسيا وإيران نفوذهما".
"رأى البعض في ذلك نقطة تحول استراتيجية لم يتعاف منها الغرب قط، لذا فإن السوابق التاريخية غير مشجعة وأدت التدخلات إلى تورط القوات الغربية في حروب لا نهاية لها. هل يمكن أن تكون القصة مختلفة هذه المرة؟ يمر نحو 15% من التجارة العالمية عبر البحر الأحمر، قد تدعي هجمات الحوثيين أنها تستهدف السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال، لكن في الواقع هي عشوائية وتستهدف كل من يمر".
ويقول الكاتب: "من المؤكد أن اثنتين من أقوى القوات الجوية وأكثرها تقدماً في العالم يمكنها التغلب على نحو 20 ألف مقاتل من الحوثي، أو ربما. لقد أمضى السعوديون والإماراتيون، بطائراتهم الباهظة الثمن والمزودة من الغرب، سبع سنوات في محاولة قصف الحوثيين وإجبارهم على الهزيمة وفشلوا، ومن المؤكد أن الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية ستلحق أضراراً كبيرة بقدرات الحوثيين، حيث ستدمر محطات الرادار، لكن يبدو أن الإيرانيين مستعدون لدفع تكاليف إعادة التخزين إلى أجل غير مسمى".
ويختتم قائلاً: "كل هذا يعني أن هذه عملية عالية المخاطر ومليئة بعدم اليقين. ومع ذلك، هناك شيء قديم، يكاد يكون خيالياً، بشأن ما يفعله جو بايدن وريشي سوناك وربما لا يدركون ذلك، ولكنهم في واقع الأمر أتباع استراتيجي البحرية الأميركية العظيم في القرن التاسع عشر، ألفريد ثاير ماهان، الذي كتب في عمله المميز "تأثير القوة البحرية على التاريخ": "من يحكم الأمواج يحكم العالم". علاوة على ذلك، فإنهم يدافعون عن النظام العالمي بعد الحرب. ولابد أن يسود القانون الدولي، ولابد أن تهيمن القيم الغربية، ولابد من تحدي الفوضى، واستعادة النظام ـ ولابد من إبقاء الممرات البحرية مفتوحة".
جردة حساب بعد مئة يوم على الحرب
وإلى صحيفة الأيام الفلسطينية ومقال للكاتب عبد المجيد سويلم بعنوان: "جردة حساب بعد مئة يوم على الحرب".
"لا أعرف من أين، وكيف جاء تقليد "المئة يوم" المتداول، والمعمول به على نطاقٍ واسع في الغرب، وفي بعض مناطق وبلدان العالم. عادة ما يتمّ الحديث عن أهمية هذا المقياس بعد استلام الرؤساء لمهامهم الجديدة، أو بعد تشكيل الحكومات الجديدة، وأحياناً يُنظر إلى هذه الفترة بالذات كمؤشّر رئيس على استشراف مسار هذا التقييم".
يقول سويلم: "لا تستخدم هذه الفترة في قياس مسار الحروب لأنّها فترة طويلة نسبياً، خصوصاً أنّ الحروب الحديثة قد تُحسم قبل مضيّ هذه الفترة، ولكنها مع ذلك تتحوّل إذا طالت الحرب إلى أكثر من مؤشّر، وإلى أكبر من مقياس".
"إذا ما بدأنا بحركة حماس فإنّها ومعها فصائل المقاومة في قطاع غزّة صمدت بصورة أسطورية، في حربٍ تجاوزت كلّ الحدود من القتل والتدمير والإبادة، لكن الأهمّ هو أنّ حماس أرادت أن تُجبر الاحتلال على رفع الحصار عن القطاع، وأن تنسف القاعدة التي كان يسير عليها مسار التطبيع، ليس فقط بسبب أنّ هذا المسار كان يهدّد بتجاوز الحقوق الوطنية، وتصفية القضية الوطنية ــ في حال استمراره ونجاحه ــ وإنّما لأنّ نجاح هذا المسار كان يقتضي إنهاء ظاهرة الوجود المسلّح في القطاع، وبالتالي إنهاء سيطرة حماس على القطاع، إمّا بالنزع الطوعي لهذا السلاح أو بالوسائل العسكرية، ومن هنا فقد هدفت حماس من هجومها إلى ضرب كامل هذا المسار" بحسب سويلم.
"كان يجب على حماس أن تنجح إذا ما أرادت أن تحقّق كلّ ذلك، وكان على هجومها أن يكون دقيقاً في حسابات التخطيط، وفي حسابات التنفيذ، وفي التعامل مع ردود أفعال الاحتلال، وإدخال هذا الاحتلال في ممرّ الدخول إلى غزّة، ونشر قوّاته البرّية فيها" بحسب الكاتب.
يقول الكاتب إنه كان يجب من أجل تنجح حماس، أن تحقّق عنصر "المباغتة"، وأن يكون الهجوم بمثابة ضربة سيطرة، وإحداث صدمة كبيرة في صفوفها، بحيث تنهار سريعاً، وتسقط مسألة الجيش الذي لا يُقهر، وأن تنهار كلّ أدوات التجسُّس والمراقبة ومعدّات التتبُّع والسيطرة الإلكترونية.
ويضيف الكاتب عبد المجيد: "بهذه المعاني كلّها فقد اهتزّ مسار التطبيع، وعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة كلّ الواجهات، ولم يعد في هذا العالم من يمتلك شجاعة الحديث عن حلول دون الأهداف الوطنية، ولم يعد ممكناً الحديث عن مستقبل القطاع في ظلّ أيّ حصار، وأصبح الحديث عن تدمير حماس أو المقاومة في القطاع حديثاً أقرب إلى المجازية السياسية.
ويرى الكاتب أن التجربة الخاصة بتاريخ الصراعات والحروب علمت العالم أنّ أخطر أنواع الحروب ليس تلك التي تولّد الكوارث والخسائر الكبيرة، أو التي تدفع فيها الأثمان الباهظة ــ على أهمية كلّ ذلك ــ وإنّما تلك الحروب التي تُخاض دون أهداف حقيقية، ودون قدرة على تحقيقها، أو أن تكون الأهداف غير المعلنة منها هي الأهداف الحقيقية، وليست المعلنة.